الأرض. وعرش فعل مشتقّ من العرش وهو السقف ، ويقال للأعمدة التي ترفع فوقها أغصان الشّجر فتصير كالسّقف يستظلّ تحته الجالس : العريش. ومنه ما يذكر في السيرة : العريش الّذي جعل للنّبي صلىاللهعليهوسلم يوم بدر ، وهو الّذي بني على بقعته مسجد بعد ذلك هو اليوم موجود ببدر. ووصف الجنّات بمعروشات مجاز عقلي ، وإنّما هي معروش فيها ، والمعروش أشجارها. وغير المعروشات المبقاة كرومها منبسطة على وجه الأرض وأرفع بقليل ، ومن محاسنها أنّها تزيّن وجه الأرض فيرى الرائي جميعها أخضر.
وقوله : (مَعْرُوشاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشاتٍ) صفة : ل (جَنَّاتٍ) قصد منها تحسين الموصوف والتّذكير بنعمة الله أن ألهم الإنسان إلى جعلها على صفتين ، فإنّ ذكر محاسن ما أنشأه الله يزيد في المنّة ، كقوله في شأن الأنعام (وَلَكُمْ فِيها جَمالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ) [النحل : ٦].
و (مُخْتَلِفاً أُكُلُهُ) حال من الزّرع ، وهو أقرب المذكورات إلى اسم الحال ، ويعلم أنّ النّخل والجنّات كذلك ، والمقصود التّذكير بعجيب خلق الله ، فيفيد ذكر الحال مع أحد الأنواع تذكّر مثله في النوع الآخر ، وهذا كقوله تعالى : (وَإِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْها) [الجمعة : ١١] أي وإليه ، وهي حال مقدّرة على ظاهر قول النّحويين لأنّها مستقبلة عن الإنشاء ، وعندي أنّ عامل الحال إذا كان ممّا يحصل معناه في أزمنة ، وكانت الحال مقارنة لبعض أزمنة عاملها ، فهي جديرة بأن تكون مقارنة ، كما هنا.
(والأكل) ـ بضمّ الهمزة وسكون الكاف ـ لنافع وابن كثير ، و ـ بضمّهما ـ قرأه الباقون ، هو الشّيء الّذي يؤكل ، أي مختلفا ما يؤكل منه.
وعطف : (وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ) على : (جَنَّاتٍ) ... (وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ). والمراد شجر الزّيتون وشجر الرمّان. وتقدّم القول في نظيره عند قوله تعالى : (وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً) الآية في هذه السّورة [٩٩].
إلّا أنّه قال هناك : (مُشْتَبِهاً) [الأنعام : ٩٩] وقال هنا : (مُتَشابِهاً) وهما بمعنى واحد لأنّ التّشابه حاصل من جانبين فليست صيغة التّفاعل للمبالغة ألا ترى أنّهما استويا في قوله : (وَغَيْرَ مُتَشابِهٍ) في الآيتين.
(كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ).