بالزخرف أنّه محتاج إلى التّحسين والزخرفة ، وإنّما يحتاج القول إلى ذلك إذا كان غير مشتمل على ما يكسبه القبول في حدّ ذاته ، وذلك أنّه كان يفضي إلى ضرّ يحتاج قائله إلى تزيينه وتحسينه لإخفاء ما فيه من الضرّ ، خشية أن ينفر عنه من يسوله لهم ، فذلك التّزيين ترويج يستهوون به النّفوس ، كما تموّه للصّبيان اللّعب بالألوان والتذهيب.
وانتصب (زُخْرُفَ الْقَوْلِ) على النيابة عن المفعول المطلق من فعل (يُوحِي) لأنّ إضافة الزّخرف إلى القول ، الّذي هو من نوع الوحي ، تجعل (زُخْرُفَ) نائيا عن المصدر المبيّن لنوع الوحي.
والغرور : الخداع والإطماع بالنّفع لقصد الإضرار ، وقد تقدّم عند قوله تعالى : (لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ) في سورة آل عمران [١٩٦]. وانتصب (غُرُوراً) على المفعول لأجله لفعل (يُوحِي) ، أي يوحون زخرف القول ليغرّوهم.
والقول في معنى المشيئة من قوله : (وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ ما فَعَلُوهُ) كالقول في (ما كانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ) [الأنعام : ١١١] وقوله : (وَلَوْ شاءَ اللهُ ما أَشْرَكُوا) [الأنعام : ١٠٧] والجملة معترضة بين المفعول لأجله وبين المعطوف عليه.
والضّمير المنصوب في قوله : (فَعَلُوهُ) عائد إلى الوحي. المأخوذ من (يُوحِي) أو إلى الإشراك المتقدّم في قوله : (وَلَوْ شاءَ اللهُ ما أَشْرَكُوا) [الأنعام : ١٠٧] أو إلى العداوة المأخوذة من قوله : (لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا).
والضّمير المرفوع عائد إلى (شَياطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِ) ، أو إلى المشركين ، أو إلى العدوّ ، وفرع عليه أمر الرسول عليه الصلاة والسلام بتركهم وافتراءهم ، وهو ترك إعراض عن الاهتمام بغرورهم ، والنكد منه ، لا إعراض عن وعظهم ودعوتهم ، كما تقدّم في قوله : (وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ). والواو بمعنى مع.
(وَما يَفْتَرُونَ) موصول منصوب على المفعول معه. وما يفترونه هو أكاذيبهم الباطلة من زعمهم إلهية الأصنام ، وما يتبع ذلك من المعتقدات الباطلة.
(وَلِتَصْغى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا ما هُمْ مُقْتَرِفُونَ (١١٣))
عطف قوله : (وَلِتَصْغى) على (غُرُوراً) [الأنعام : ١١٢] لأنّ (غُرُوراً) في معنى