عويف القوافي :
خبر أتاني عن عيينة موجع |
|
كادت عليه تصدّع الأكباد |
أي هو كتاب عظيم تنويها بشأنه فصار التنكير في معنى التوصيف.
وإمّا لأنّه أريد بالتّنكير التعجيب من شأن هذا الكتاب في جميع ما حفّ به من البلاغة والفصاحة والإعجاز والإرشاد ، وكونه نازلا على رجل أمّيّ.
وقوله : (أُنْزِلَ إِلَيْكَ) يجوز أن يكون صفة ل (كِتابٌ) فيكون مسوغا ثانيا للابتداء بالنّكرة ويجوز أن يكون هو الخبر فيجوز أن يكون المقصود من الأخبار تذكير المنكرين والمكابرين ، لأنّ النّبي صلىاللهعليهوسلم والمؤمنين يعلمون أنّه أنزل من عند الله ، فلا يحتاجون إلى الإخبار به ، فالخبر مستعمل في التّعريض بتغليط المشركين والمكابرين والقاصدين إغاظة الرّسول عليه الصّلاة والسّلام بالإعراض ، ويجوز أن يكون المقصود من الخبر الامتنان والتّذكير بالنّعمة ، فيكون الخبر مستعملا في الامتنان على طريقة المجاز المرسل المركب.
ويجوز أن يجعل الخبر هو قوله : (أُنْزِلَ إِلَيْكَ) مع ما انضمّ إليه من التّفريع والتّعليل ، أي هو كتاب أنزل إليك فكن منشرح الصّدر به ، فإنّه أنزل إليك لتنذر به الكافرين وتذكّر المؤمنين ، والمقصود : تسكين نفس النّبي صلىاللهعليهوسلم ، وإغاظة الكافرين ، وتأنيس المؤمنين ، أي هو كتاب أنزل لفائدة ، وقد حصلت الفائدة فلا يكن في صدرك حرج إن كذّبوا. وبهذه الاعتبارات وبعدم منافاة بعضها لبعض يحمل الكلام على إرادة جميعها وذلك من مطالع السّور العجيبة البيان.
ومن المفسّرين من قدّروا مبتدأ محذوفا ، وجعلوا (كِتابٌ) خبرا عنه ، أي هذا كتاب، أي أنّ المشار إليه القرآن الحاضر في الذّهن ، أو المشار إليه السّورة أطلق عليها كتاب ، ومنهم من جعل (كِتابٌ) خبرا عن كلمة (المص) [الأعراف : ١] وكلّ ذلك بمعزل عن متانة المعنى.
وصيغ فعل : (أُنْزِلَ) بصيغة النائب عن الفاعل اختصارا ، للعلم بفاعل الإنزال ، لأنّ الذي ينزل الكتب على الرّسل هو الله تعالى ، ولما في مادة الإنزال من الإشعار بأنّه من الوحي لملائكة العوالم السّماوية.
والفاء في قوله : (فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ) اعتراضية إذا الجملة معترضة بين فعل (أُنْزِلَ) ومتعلّقة وهو (لِتُنْذِرَ بِهِ) ، فإنّ الاعتراض يكون مقترنا بالفاء كما يكون مقترنا