والجواب : الكلام الذي يقابل به كلام آخر : تقريرا ، أو ردّا ، أو جزاء.
وانتصب قوله : (جَوابَ) على أنّه خبر (كان) مقدّم على اسمها الواقع بعد أداة الاستثناء المفرغ ، وهذا هو الاستعمال الفصيح في مثل هذا التّركيب ، إذا كان أحد معمولي كان مصدرا منسبكا من (أن) والفعل كما تقدّم في سورة آل عمران وسورة الأنعام ، ولذلك أجمعت القراءات المشهورة على نصب المعمول الأوّل.
والضّمير المنصوب في قوله : (أَخْرِجُوهُمْ) عائد على محذوف علم من السّياق ، وهم لوط عليهالسلام وأهله : وهم زوجه وابنتاه.
وجملة : (إِنَّهُمْ أُناسٌ يَتَطَهَّرُونَ) علّة للأمر بالإخراج ، وذلك شأن (إنّ) إذا جاءت في مقام لا شكّ فيه ولا إنكار ، بل كانت لمجرّد الاهتمام فإنّها تفيد مفاد فاء التّفريع وتدلّ على الربط والتّعليل.
والتّطهر تكلّف الطّهارة ، وحقيقتها النّظافة ، وتطلق الطّهارة ـ مجازا ـ على تزكية النّفس والحذر من الرذائل وهي المراد هنا ، وتلك صفة كمال ، لكن القوم لمّا تمرّدوا على الفسوق كان يعدّون الكمال منافرا لطباعهم ، فلا يطيقون معاشرة أهل الكمال ، ويذمّون ما لهم من الكمالات فيسمّونها ثقلا ، ولذا وصفوا تنزه لوط عليهالسلام وآله تطهّرا ، بصيغة التكلّف والتصنّع ، ويجوز أن يكون حكاية لما في كلامهم من التّهكّم بلوط عليهالسلام وآله ، وهذا من قلب الحقائق لأجل مشايعة العوائد الذّميمة ، وأهل المجون والانخلاع ، يسمّون المتعفّف عن سيرتهم بالتّائب أو نحو ذلك ، فقولهم : (إِنَّهُمْ أُناسٌ يَتَطَهَّرُونَ) قصدوا به ذمّهم.
وهم قد علموا هذا التّطهر من خلق لوط عليهالسلام وأهله لأنّهم عاشروهم ، ورأوا سيرتهم ، ولذلك جيء بالخبر جملة فعليّة مضارعيّة لدلالتها على أنّ التّطهر متكرّر منهم ، ومتجدّد ، وذلك أدعى لمنافرتهم طباعهم والغضب عليهم وتجهّم إنكار لوط عليهالسلام عليهم.
[٨٣ ، ٨٤] (فَأَنْجَيْناهُ وَأَهْلَهُ إِلاَّ امْرَأَتَهُ كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ (٨٣) وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ مَطَراً فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ (٨٤))
قوله تعالى : (فَأَنْجَيْناهُ) تعقيب لجملة : (وَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ) [الأعراف : ٨٢] أو