تنويها بشأن هذا الخبر ليعلمه السامعون.
واللام الداخلة في خبر (وَجَدْنا) لام ابتداء ، باعتبار كون ذلك الخبر خبرا من جملة هي خبر عن الاسم الواقع بعد (إن) ، وجلبت اللام للتفرقة بين المخففة والنافية.
وقد تقدم نظير هذا عند قوله تعالى : (وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ) [آل عمران : ١٦٤].
وأسند حكم النكث إلى أكثر أهل القرى ، تبينا لكون ضمير (فَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا) جرى على التغليب ، ولعل نكتة هذا التصريح في خصوص هذا الحكم أنه حكم مذمة ومسبة ، فناسبت محاشاة من لم تلتصق به تلك المسبة.
(ثُمَّ بَعَثْنا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسى بِآياتِنا إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلائِهِ فَظَلَمُوا بِها فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (١٠٣))
انتقال من أخبار الرسالات السابقة إلى أخبار رسالة عظيمة لأمة باقية إلى وقت نزول القرآن فضّلها الله بفضله فلم توف حق الشكر وتلقت رسولها بين طاعة وإباء وانقياد ونفار ، فلم يعاملها الله بالاستيصال ولكنه أراها جزاء مختلف أعمالها ، جزاء وفاقا ، إن خيرا فخير ، وإن شرا فشر.
وخصت بالتفضيل قصة إرسال موسى لما تحتوي عليه من الحوادث العظيمة ، والأنباء القيمة ، ولأن رسالته جاءت بأعظم شريعة بين يدي شريعة الإسلام ، وأرسل رسولها هاديا وشارعا تمهيدا لشريعة تأتي لأمة أعظم منها تكون بعدها ، ولأن حال المرسل إليهم أشبه بحال من أرسل إليهم محمد صلىاللهعليهوسلم فإنهم كانوا فريقين كثيرين اتبع أحدهم موسى وكفر به الآخر ، كما اتّبع محمدا ـ عليهالسلام ـ جمع عظيم وكفر به فريق كثير ، فأهلك الله من كفر ونصر من آمن.
وقد دلت (ثُمَ) على المهلة : لأن موسى ـ عليهالسلام ـ بعث بعد شعيب بزمن طويل ، فإنه لما توجه إلى مدين حين خروجه من مصر ، رجا الله أن يهديه فوجد شعيبا ، وكان اتصاله به ومصاهرته تدريجا له في سلم قبول الرسالة عن الله تعالى فالمهلة باعتبار مجموع الأمم المحكي عنها قبل ، فإن منها ما بينه وبين موسى قرون مثل قوم نوح ، ومثل عاد وثمود ، وقوم لوط ، فالمهلة التي دلت عليها (ثُمَ) متفاوتة المقدار ، مع ما يقتضيه