المصائب بهم بعلاقة المشاكلة لقوله : (يَطَّيَّرُوا) فشبه السبب الحق ، وهو ما استحقوا به العذاب من غضب الله بالطائر.
و (عِنْدَ) مستعملة في التصرف مجازا لأن الشيء المتصرف فيه كالمستقر في مكان ، أي : سبب شؤمهم مقدر من الله ، وهذا كما وقع في الحديث : «ولا طير إلا طيرك» ، فعبر عما قدره الله للناس «بطير» مشاكلة لقوله : «ولا طير» ومن فسر الطائر بالحظ فقد أبعد عن السياق.
والقصر المستفاد من (إِنَّما) إضافي أي : سوء حالهم عقاب من الله ، لا من عند موسى ومن معه ، فلا ينافي أن المؤمنين يعلمون أن سبب حلول المصائب بأهل الشرك المعاندين للرسل ، هو شركهم وتكذيبهم الرسل : يعلمون ذلك بأخبار الرسل ، أو بصدق الفراسة وحسن الاستدلال ، كما قال أبو سفيان ليلة الفتح لما هداه الله «لقد علمت أن لو كان معه إله آخر لقد أغنى عني شيئا». فأما المشركون وأضرابهم من أهل العقائد الضالة ، فيسندون صدور الضرر والنفع إلى أشياء تقارن حصول ضر ونفع ، فيتوهمون تلك المقارنة تسببا ، ولذلك تراهم يتطلبون معرفة حصول الخير والشر من غير أسبابها ، ومن ذلك الاستقسام بالأزلام كما تقدم في سورة العقود.
وجملة (أَلا إِنَّما طائِرُهُمْ عِنْدَ اللهِ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ) معترضة ولذلك فصلت ، والاستدراك المستفاد من (لكِنَ) عما يوهمه الاهتمام بالخبر الذي قبله لقرنه بأداة الاستفتاح ، واشتماله على صيغة القصر : من كون شأنه أن لا يجهله العقلاء ، فاستدرك بأن أكثر أولئك لا يعلمون.
فالضمير في قوله : (أَكْثَرَهُمْ) عائد إلى الذين (قالُوا لَنا هذِهِ) وإنما نفي العلم عن أكثرهم تنبيها على أن قليلا منهم يعلمون خلاف ذلك ولكنهم يشايعون مقالة الأكثرين.
[١٣٢ ، ١٣٣] (وَقالُوا مَهْما تَأْتِنا بِهِ مِنْ آيَةٍ لِتَسْحَرَنا بِها فَما نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ (١٣٢) فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الطُّوفانَ وَالْجَرادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفادِعَ وَالدَّمَ آياتٍ مُفَصَّلاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكانُوا قَوْماً مُجْرِمِينَ (١٣٣))
جملة : (وَقالُوا) معطوفة على جملة (وَلَقَدْ أَخَذْنا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ) [الأعراف : ١٣٠] الآية ، فهم قابلوا المصائب التي أصابهم الله بها ليذكّروا ، بازدياد الغرور فأيسوا من التذكر بها ، وعاندوا موسى حين تحداهم بها فقالوا : مهما تأتنا به من أعمال سحرك العجيبة فما