والإجرام : فعل الجرم وقد تقدم عند قوله تعالى : (وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ) في هذه السورة [٤٠].
[١٣٤ ، ١٣٥] (وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ قالُوا يا مُوسَى ادْعُ لَنا رَبَّكَ بِما عَهِدَ عِنْدَكَ لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرائِيلَ (١٣٤) فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلى أَجَلٍ هُمْ بالِغُوهُ إِذا هُمْ يَنْكُثُونَ (١٣٥))
الرجز العذاب فالتعريف باللام هنا للعهد أي العذاب المذكور وهو ما في قوله تعالى : (فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الطُّوفانَ) ـ إلى قوله ـ (آياتٍ مُفَصَّلاتٍ) [الأعراف : ١٣٣] والرجز من أسماء الطاعون ، وقد تقدم عند قولهم تعالى : (فَأَنْزَلْنا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزاً مِنَ السَّماءِ) في سورة البقرة [٥٩] ، فيجوز أن يراد بالرجز الطاعون أي أصابهم طاعون ألجأهم إلى التضرع بموسى عليهالسلام ، فطوي ذكره للإيجاز ، فالتقدير : وأرسلنا عليهم الرجز ولما وقع عليهم إلخ ... وإنما لم يذكر الرجز في عداد الآيات التي في قوله : (فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الطُّوفانَ) [الأعراف : ١٣٣] الآية تخصيصا له بالذكر لأن له نبأ عجيبا فإنه كان ملجأهم إلى الاعتراف بآيات موسى ووجود ربه تعالى.
وهذا الطاعون هو الموتان الذي حكي في الإصحاح الحادي عشر من سفر الخروج «هكذا يقول الرب إني أخرج نحو نصف الليل في وسط مصر فيموت كل بكر في أرض مصر من بكر فرعون الجالس على كرسيه إلى بكر الجارية التي خلف الرحى وكل بكر بهيمة ـ ثم قالت في الإصحاح الثاني عشر ـ فحدث في نصف الليل أن الرب ضرب كل بكر في أرض مصر فقام فرعون ليلا هو وعبيده وجميع المصريين فدعا موسى وهارون ليلا وقال قوموا اخرجوا أنتم وبنو إسرائيل جميعا واذهبوا اعبدوا ربكم واذهبوا وباركوني» إلخ ... قيل مات سبعون ألف رجل في ذلك اليوم من القبط خاصة ، ولم يصب بني إسرائيل منه شيء.
وليس قولهم : (ادْعُ لَنا رَبَّكَ) بإيمان بالله ورسالة موسى ، ولكنهم كانوا مشركين وكانوا يجوزون تعدد الآلهة واختصاص بعض الأمم وبعض الأقطار بآلهة لهم ، فهم قد خامرهم من كثرة ما رأوا من آيات موسى أن يكون لموسى رب له تصرف وقدرة. وأنه أصابهم بالمصائب لأنهم أضروا عبيده ، فسألوا موسى أن يكف عنهم ربه ويكون جزاؤه الإذن لبني إسرائيل بالخروج من مصر ليعبدوا ربهم ، كما حكت التوراة في الإصحاح