(وَما أَدْراكَ مَا الْعَقَبَةُ فَكُّ رَقَبَةٍ) إلى قوله : (ثُمَّ كانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا) [البلد : ١٢ ـ ١٧]. ولئلا يظن أن الإشراك لخطورته لا تنجي منه التوبة.
وإما أن يراد بالإيمان إيمان خاص ، وهو الإيمان بإخلاص ، فيشمل عمل الواجبات.
والخطاب في قوله : (إِنَّ رَبَّكَ) لمحمد صلىاللهعليهوسلم على الوجه الأظهر ، أو لموسى على جعل قوله : (إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ) مقولا من الله لموسى.
وفي تعريف المسند إليه بالإضافة توسل إلى تشريف المضاف إليه بأنه مربوب لله تعالى ، وفي ذكر وصف الربوبية هنا تمهيد لوصف الرحمة.
وتأكيد الخبر بإن ولام التوكيد وصيغتي المبالغة في (لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) لمزيد الاهتمام به ترغيب للعصاة في التوبة ، وطردا للقنوط من نفوسهم ، وإن عظمت ذنوبهم ، فلا يحسبوا تحديد التوبة بحد إذا تجاوزته الذنوب بالكثرة أو العظم لم تقبل منه توبة.
وضمير : (مِنْ بَعْدِها) الثاني مبالغة في الامتنان بقبول توبتهم بعد التملّي من السيئات.
وحذف متعلق (لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) لظهوره من السياق ، والتقدير : لغفور رحيم لهم. أو لكل من عمل سيّئة وتاب منها.
(وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الْأَلْواحَ وَفِي نُسْخَتِها هُدىً وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ (١٥٤))
نظم هذا الكلام مثل نظم قوله : (وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ) [الأعراف : ١٤٩] وقوله : (وَلَمَّا رَجَعَ مُوسى إِلى قَوْمِهِ غَضْبانَ) [الأعراف : ١٥٠] ، أي : ثم سكت عن موسى الغضب ولمّا سكت عنه أخذ الألواح. وهذه الجملة عطف على جملة (وَلَمَّا رَجَعَ مُوسى إِلى قَوْمِهِ) [الأعراف : ١٥٠].
والسكوت مستعار لذهاب الغضب عنه ، شبّه ثوران الغضب في نفس موسى المنشئ خواطر العقوبة لأخيه ولقومه ، وإلقاء الألواح حتى انكسرت ، بكلام شخص يغريه بذلك ، وحسّن هذا التشبيه أن الغضبان يجيش في نفسه حديث للنفس يدفعه إلى أفعال يطفئ بها ثوران غضبه ، فإذا سكن غضبه وهدأت نفسه كان ذلك بمنزلة سكوت المغري ، فلذلك أطلق عليه السكوت ، وهذا يستلزم تشبيه الغضب بالناطق المغري على طريقة المكنية ،