[الأنبياء : ١٠٧].
ومعنى (عَزَّرُوهُ) أيدوه وقوّوه ، وذلك بإظهار ما تضمنته كتبهم من البشارة بصفاته ، وصفات شريعته ، وإعلان ذلك بين الناس ، وذلك شيء زائد على الإيمان به ، كما فعل عبد الله بن سلام ، وكقول ورقة بن نوفل : «هذا الناموس الذي أنزل على موسى» ، وهو أيضا مغاير للنصر ، لأن النصر هو الإعانة في الحرب بالسلاح ، ومن أجل ذلك عطف عليه (وَنَصَرُوهُ).
واتّباع النور تمثيل للاقتداء بما جاء به القرآن : شبه حال المقتدي بهدي القرآن ، بحال الساري في الليل إذا رأى نورا يلوح له اتّبعه ، لعلمه بأنه يجد عنده منجاة من المخاوف وأضرار السير ، وأجزاء هذا التمثيل استعارات ، فالإتباع يصلح مستعارا للاقتداء ، وهو مجاز شائع فيه ، والنور يصلح مستعارا للقرآن ؛ لأن الشيء الذي يعلّم الحقّ والرشد يشبّه بالنور ، وأحسن التمثيل ما كان صالحا لاعتبار التشبيهات المفردة في أجزائه.
والإشارة في قوله : (أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) للتنويه بشأنهم ، وللدلالة على أن المشار إليهم بتلك الأوصاف صاروا أحرياء بما يخبر به عنهم بعد اسم الإشارة كقوله : (أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ) [البقرة : ٥].
وفي هذه الآية تنويه بعظيم فضل أصحاب النبي صلىاللهعليهوسلم رضياللهعنهم ، ويلحق بهم من نصر دينه بعدهم.
(قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ يُحيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللهِ وَكَلِماتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (١٥٨))
هذه الجملة معترضة بين قصص بني إسرائيل جاءت مستطردة لمناسبة ذكر الرسول الأمي ، تذكير لبني إسرائيل بما وعد الله به موسى عليهالسلام ، وإيقاظا لأفهامهم بأن محمدا صلىاللهعليهوسلم هو مصداق الصفات التي علمها الله موسى والخطاب ب (يا أَيُّهَا النَّاسُ) لجميع البشر ، وضمير التكلم ضمير الرسول محمد صلىاللهعليهوسلم.
وتأكيد الخبر ب (إن) باعتبار أن في جملة المخاطبين منكرين ومترددين ، استقصاء في إبلاغ الدعوة إليهم.