وشعري شعري
وقول النبي صلىاللهعليهوسلم : «من كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله» لأن ذلك فيما ليس في مفاد الثاني منه شيء زائد على مفاد ما قبله بخلاف ما في الآية فإن فيها القصر.
وكذلك القول في (وَمَنْ يُضْلِلْ فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ) وزيد في جانب الخاسرين الفصل باسم الإشارة لزيادة الاهتمام بتمييزهم بعنوان الخسران تحذيرا منه ، فالقصر فيه مؤكد.
وجمع الوصف في الثاني مراعاة لمعنى (من) الشرطية ، وإنما روعي معنى (من) الثانية دون الأولى ؛ لرعاية الفاصلة ولتبين أن ليس المراد ب (من) الأولى مفردا.
وقد علم من مقابلة الهداية بالإضلال ، ومقابلة المهتدي بالخاسر أن المهتدي فائز رابح فحذف ذكر ربحه إيجازا.
والخسران استعير لتحصيل ضد المقصود من العمل كما يستعار الربح لحصول الخير من العمل كما تقدم عند قوله تعالى : (وَمَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ) في هذه السورة [٩] ، وفي قوله : (فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ) في سورة البقرة [١٦].
(وَلَقَدْ ذَرَأْنا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِها وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِها وَلَهُمْ آذانٌ لا يَسْمَعُونَ بِها أُولئِكَ كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ (١٧٩))
عطف على جملة : (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْناهُ آياتِنا) [الأعراف : ١٧٥] ، والمناسبة أن صاحب القصة المعطوف عليها انتقل من صورة الهدى إلى الضلال ، لأن الله لما خلقه خلقه ليكون من أهل جهنم ، مع ما لها من المناسبة للتذييل الذي ختمت به القصة وهو قوله : (مَنْ يَهْدِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي) [الأعراف : ١٧٨] الآية.
وتأكيد الخبر بلام القسم وبقد ؛ لقصد تحقيقه لأن غرابته تنزل سامعه خالي الذهن منه منزلة المتردد في تأويله ، ولأن المخبر عنهم قد وصفوا ب (لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِها) ـ إلى قوله ـ (بَلْ هُمْ أَضَلُ) ، والمعني بهم المشركون ، وهم ينكرون أنهم في ضلال ويحسبون أنهم يحسنون صنعا ، وكانوا يحسبون أنهم أصحاب أحلام وأفهام ، ولذلك قالوا