وتفسير : نذرهم تقدم في قوله تعالى : (وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِباً) في سورة الأنعام [٧٠] وتفسير «طغيان» و (يَعْمَهُونَ) تقدم عند قوله : (فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ) في سورة البقرة [١٥].
وقرأ نافع ، وابن كثير ، وابن عامر : نذرهم بالنون وبالرفع ، على أنه عطف جملة على جملة : (مَنْ يُضْلِلِ اللهُ) على طريقة الالتفات من الغيبة إلى التكلم.
وقرأ حمزة ، والكسائي ، وخلف : بالياء التحتية والجزم ، على أنه عطف على موضع (فَلا هادِيَ لَهُ) وهو جواب الشرط.
وقرأ أبو عمرو ، وعاصم ، ويعقوب : بالياء التحتية وبالرفع والوجه ظاهر.
(يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيها لِوَقْتِها إِلاَّ هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لا تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً يَسْئَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْها قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ اللهِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (١٨٧))
استئناف ابتدائي يذكر به شيء من ضلالهم ومحاولة تعجيزهم النبي صلىاللهعليهوسلم بتعيين وقت الساعة.
ومناسبة هذا الاستئناف هي التعرض لتوقع اقتراب أجلهم في قوله : (وَأَنْ عَسى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ) [الأعراف : ١٨٥] سواء أفسر الأجل بأجل إذهاب أهل الشرك من العرب في الدنيا ، وهو الاستئصال ، أم فسر بأجلهم وأجل بقية الناس وهو قيام الساعة ، فإن الكلام على الساعة مناسبة لكلا الأجلين.
وقد عرف من شنشنة المشركين إنكارهم ، البعث وتهكمهم بالرسول عليه الصلاة والسلام من أجل إخباره عن البعث (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ أَفْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً أَمْ بِهِ جِنَّةٌ) [سبأ : ٧ ، ٨] ، وقد جعلوا يسألون النبي صلىاللهعليهوسلم عن الساعة ووقتها تعجيزا له ، لتوهمهم أنه لما أخبرهم بأمرها فهو يدعي العلم بوقتها (وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ قُلْ لَكُمْ مِيعادُ يَوْمٍ لا تَسْتَأْخِرُونَ عَنْهُ ساعَةً وَلا تَسْتَقْدِمُونَ) [سبأ : ٢٩ ، ٣٠].
فالسائلون هم المشركون ، وروي ذلك عن قتادة ، والضمير يعود إلى الذين كذبوا بآياتنا ، وقد حكي عنهم مثل هذا السؤال في مواضع من القرآن ، كقوله تعالى في سورة