فيه بوصول السائر في البر أو البحر إلى المكان الذي يريده.
وقد أمر الله رسوله بجوابهم جواب جد وإغضاء عن سوء قصدهم بالسؤال التهكم ، إظهارا لنفي الوصمة عن وصف النبوءة من جراء عدم العلم بوقت الشاعة ، وتعليما للذين يترقبون أن يحصل من جواب الرسول عن سؤال المشركين علم للجميع بتعيين وقت الساعة فإذا أمر الساعة مما تتوجه النفوس إلى تطلبه.
فقد ورد في الصحيح أن رجلا من المسلمين سأل رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : يا رسول الله متى الساعة؟ ـ فقال رسول الله ـ ما ذا أعددت لها؟ ـ فقال ـ ما أعددت لها كبير عمل إلّا أني أحب الله ورسوله ـ فقال ـ أنت مع من أحببت.
وعلم الساعة هو علم تحديد وقتها كما ينبئ عنه السؤال ، وقوله : (لا يُجَلِّيها لِوَقْتِها إِلَّا هُوَ) ، فإضافة علم إلى ضمير الساعة على تقدير مضاف بينهما أي علم وقتها ، والإضافة من إضافة المصدر إلى مفعوله ، وظرفية (عند) مجازية استعملت في تحقيق تعلق علم الله بوقتها.
والحصر حقيقي : لأنه الأصل ، ولما دل عليه توكيده بعد في قوله : (قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ اللهِ) ، والقصر الحقيقي يشتمل على معنى الإضافي وزيادة ، لأن علم الساعة بالتحديد مقصور على الله تعالى.
والتعريف بوصف الرب وإضافته إلى ضمير المتكلم إيماء إلى الاستدلال على استئثار الله تعالى بعلم وقت الساعة دون الرسول المسئول ففيه إيماء إلى خطئهم وإلى شبهة خطئهم.
و (التجلية) الكشف ، والمراد بها ما يشمل الكشف بالإخبار والتعيين ، والكشف بالإيقاع ، وكلاهما منفي الإسناد عن غير الله تعالى ، فهو الذي يعلم وقتها ، وهو الذي يظهرها إذا أراد ، فإذا أظهرها فقد أجلاها.
واللام في قوله : (لِوَقْتِها) للتوقيت كالتي في قوله تعالى : (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ) [الإسراء : ٧٨].
ومعنى التوقيت ، قريب من معنى (عند) ، والتحقيق : أن معناه ناشئ عن معنى لام الاختصاص.