وحقيقة الأخ المشارك في بنوة الأم والأب أو في بنوة أحدهما ويطلق الأخ مجازا على الصديق الودود ومنه ما آخى النبي صلىاللهعليهوسلم بين المهاجرين والأنصار ، وقول أبي بكر للنبي صلىاللهعليهوسلم لما خطب النبي منه عائشة «إنما أنا أخوك ـ فقال له النبي صلىاللهعليهوسلم ـ أنت أخي وهي حلال لي» ويطلق الأخ على القرين كقولهم أخو الحرب ، وعلى التابع الملازم كقول عبد بني الحسحاس :
أخوكم ومولى خيركم وحليفكم |
|
ومن قد ثوى فيكم وعاشركم دهرا |
أراد أنه عبدهم ، وعلى النسب والقرب كقولهم : أخو العرب وأخو بني فلان.
فضمير (وَإِخْوانُهُمْ) عائد إلى غير مذكور في الكلام ، إذ لا يصح أن يعود إلى المذكور قبله قريبا : لأن الذي ذكر قبله (الَّذِينَ اتَّقَوْا) فلا يصح أن يكون الخبر ، وهو (يَمُدُّونَهُمْ فِي الغَيِ) متعلقا بضمير يعود إلى المتقين ، فتعين أن يتطلب السامع لضمير (وَإِخْوانُهُمْ) معادا غير ما هو مذكور في الكلام بقربه ، فيحتمل أن يكون الضمير عائدا على معلوم من السياق وهم الجماعة المتحدث عنهم في هذه الآيات أعني المشركين المعنيين بقوله (فَتَعالَى اللهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ أَيُشْرِكُونَ ما لا يَخْلُقُ شَيْئاً) ـ إلى قوله ـ (وَلا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْراً) [الأعراف : ١٩٠ ـ ١٩٢] فيرد السامع الضمير إلى ما دل عليه السياق بقرينة تقدم نظيره في أصل الكلام ، ولهذا قال الزجاج : هذه الآية متصلة في المعنى بقوله : (وَلا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْراً وَلا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ) [الأعراف : ١٩٢] ، أي وإخوان المشركين ، أي أقاربهم ومن هو من قبيلتهم وجماعة دينهم ، كقوله تعالى : (وَقالُوا لِإِخْوانِهِمْ إِذا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ) [آل عمران : ١٥٦] أي يمد المشركون بعضهم بعضا في الغي ويتعاونون عليه فلا مخلص لهم من الغي.
ويجوز أن يعود الضميران إلى الشيطان المذكور آنفا باعتبار إرادة الجنس أو الأتباع ، كما تقدم ، فالمعنى وإخوان الشياطين أي أتباعهم كقوله : (إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كانُوا إِخْوانَ الشَّياطِينِ) [الإسراء : ٢٧] أما الضميران المرفوعان في قوله : (يَمُدُّونَهُمْ) وقوله : (لا يُقْصِرُونَ) فهما عائدان إلى ما عاد إليه ضمير (إِخْوانُهُمْ) أي الشياطين ، وإلى هذا مال الجمهور من المفسرين ، والمعنى : وإخوان الشياطين يمدهم الشياطين في الغي ، فجملة يمدونهم خبر عن (إِخْوانُهُمْ) وقد جرى الخبر على غير من هو له ولم يبرز فيه ضمير من هو له حيث كان اللبس ما مونا وهذا كقول يزيد بن منقذ :
وهم إذا الخيل جالوا في كواثبها |
|
فوارس الخيل لا ميل ولا قزم |