أجزاء الهيئة المركبة ، وهو أعلى أحوال التمثيل ويقرب من هذا التمثيل قول طرفة :
لعمرك أن الموت ما أخطأ الفتى |
|
لكالطول المرخى وثنياه باليد |
وعليه جرى قولهم : مد الله لفلان في عمره ، أو في أجله ، أو في حياته والإقصار الإمساك عن الفعل مع قدره الممسك على أن يزيد.
و (ثُمَ) للترتيب الرتبي أي وأعظم من الإمداد لهم في الغي أنهم لا يألونهم جهدا في الازدياد من الإغواء ، فلذلك تجد إخوانهم أكبر الغاوين.
(وَإِذا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآيَةٍ قالُوا لَوْ لا اجْتَبَيْتَها قُلْ إِنَّما أَتَّبِعُ ما يُوحى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي هذا بَصائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٢٠٣))
(وَإِذا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآيَةٍ قالُوا لَوْ لا اجْتَبَيْتَها قُلْ إِنَّما أَتَّبِعُ ما يُوحى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي).
معطوفة على جملة : (وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ) [الأعراف : ١٩٩] والمناسبة أن مقالتهم هذه من جهالتهم والآية يجوز أن يراد بها خارق العادة أي هم لا يقنعون بمعجزة القرآن فيسألون آيات كما يشاءون مثل قولهم (فجر لنا من الأرض ينبوعا) وهذا المعنى هو الذي شرحناه عند قوله تعالى : (وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لَئِنْ جاءَتْهُمْ آيَةٌ لَيُؤْمِنُنَّ بِها) في سورة الأنعام [١٠٩]. وروي هذا المعنى عن مجاهد ، والسدي ، والكلبي ويجوز أن يراد بآية آية من القرآن يقترحون فيها مدحا لهم ولأصنامهم ، كما قال الله عنهم : (قالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هذا أَوْ بَدِّلْهُ) [يونس : ١٥] روي عن جابر بن زيد وقتادة : كان المشركون إذا تأخر الوحي يقولون للنبي هلا أتيت بقرآن من عندك يريدون التهكم.
و (لَوْ لا) حرف تحضيض مثل (هلا).
والاجتباء الاختيار ، والمعنى : هلّا اخترت آية وسألت ربك أن يعطيكها ، أي هلا أتيتنا بما سألناك غير آية القرآن فيجيبك الله إلى ما اجتبيت ، ومقصدهم من ذلك نصب الدليل على أنه بخلاف ما يقول لهم إنه رسول الله ، وهذا من الضلال الذي يعتري أهل العقول السخيفة في فهم الأشياء على خلاف حقائقها وبحسب من يتخيلون لها ويفرضون.
والجواب الذي أمر الرسول صلىاللهعليهوسلم بأن يجيب به وهو قوله : (قُلْ إِنَّما أَتَّبِعُ ما يُوحى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي) صالح للمعنيين ، فالاتباع مستعمل في معنى الاقتصار والوقوف عند الحد ، أي لا أطلب آية غير ما أوحى الله إلي ، ويعضد هذا ما في الحديث الصحيح أن