الإهلاك بيانا بالنسبة إلى آل فرعون بأنّه إهلاك الغرق.
وتنوين (كُلٌ) للتعويض عن المضاف إليه ، أي : وكل المذكورين ، أي آل فرعون والذين من قبلهم.
[٥٥ ـ ٥٧] (إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (٥٥) الَّذِينَ عاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لا يَتَّقُونَ (٥٦) فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (٥٧))
استئناف ابتدائي انتقل به من الكلام على عموم المشركين إلى ذكر كفّار آخرين هم الذين بيّنهم بقوله : (الَّذِينَ عاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ) الآية. وهؤلاء عاهدوا النبي صلىاللهعليهوسلم ، وهم على كفرهم ، ثم نقضوا عهدهم ، وهم مستمرّون على الكفر ، وإنّما وصفهم ب (شَرَّ الدَّوَابِ) لأنّ دعوة الإسلام أظهر من دعوة الأديان السابقة ، ومعجزة الرسول صلىاللهعليهوسلم أسطع ، ولأنّ الدلالة على أحقّية الإسلام دلالة عقلية بيّنة ، فمن يجحده فهو أشبه بما لا عقل له ، وقد اندرج الفريقان من الكفّار في جنس (شَرَّ الدَّوَابِ).
وتقدّم آنفا الكلام على نظير قوله : (إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ) [الأنفال : ٢٢] الآية.
وتعريف المسند بالموصولية للإيماء إلى وجه بناء الخبر عنهم بأنّهم شرّ الدوابّ.
والفاء في (فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) عطفت صلة على صلة ، فأفادت أنّ الجملة الثانية من الصلة ، وأنّها تمام الصلة المقصودة للإيماء ، أي : الذين كفروا من قبل الإسلام فاستمر كفرهم فهم لا يؤمنون بعد سماع دعوة الإسلام. ولمّا كان هذا الوصف هو الّذي جعلهم شرّ الدوابّ عند الله عطف هنا بالفاء للإشارة إلى أنّ سبب إجراء ذلك الحكم عليهم هو مجموع الوصفين ، وأتى بصلة (فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) جملة اسمية ؛ لإفادة ثبوت عدم إيمانهم وأنّهم غير مرجو منهم الإيمان.
فإنّ تقديم المسند إليه على الخبر الفعلي المنفي مع عدم إيلاء المسند إليه حرف النفي ، لقصد إفادة تقوية نفي الإيمان عنهم ، أي الذين ينتفي الإيمان منهم في المستقبل انتفاء قويا فهم بعداء عنه أشدّ الابتعاد.
وليس التقديم هنا مفيدا للتخصيص ؛ لأنّ التخصيص لا أثر له في الصلة ، ولأنّ