في نظائرها من آيات الكتاب وأقوال النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، وقد يريده بعض علماء الأمة فيقول : الإيمان يزيد وينقص ، ولعل الذي الجأهم إلى وصفه بالنقص هو ما اقتضاه الوصف بالزيادة. وهذا مذهب أشار إليه البخاري في قوله «باب من قال إن الإيمان هو العمل». وقال الشيخ ابن أبي زيد «وأن الإيمان قول باللسان واخلاص بالقلب وعمل بالجوارح يزيد بزيادة الأعمال وينقص بنقص الأعمال فيكون فيها النقص وبها الزيادة» ، وهو جار على طريقة السلف من إقرار ظواهر القرآن والسنة ، في الأمور الاعتقادية ولكن وصف الإيمان بالنقص لا داعي إليه لعدم وجود مقتضيه لعدم وصفه بالنقص في القرآن والسنة ولهذا قال مالك الإيمان يزيد ولا ينقص.
وكيفية تأثير تلاوة الآيات في زيادة الإيمان : أن دقائق الإعجاز التي تحتوي عليها آيات القرآن تزيد كل آية تنزل منها أو تتكرر على الأسماع سامعها يقينا بأنها من عند الله ، فتزيده استدلالا على ما في نفسه ، وذلك يقوي الإيمان حتى يصل إلى مرتبة تقرب من الضرورة على نحو ما يحصل في تواتر الخبر من اليقين بصدق المخبرين ، ويحصل مع تلك الزيادة زيادة في الإقبال عليها بشراشر القلوب ثم في العمل بما تتضمنه من أمر أو نهي ، حتى يحصل كمال التقوى ، فلا جرم كان لكل آية تتلى على المؤمنين زيادة في عوارض الإيمان من قوة اليقين وتكثير الأعمال فهذا وصف راسخ للآيات ويجوز أن تفسر زيادة الإيمان عند تلاوة الآيات بأنها زيادة إدراك للمعاني المؤمن بها ، كما فسرت زيادة الإيمان بالنسبة إلى الأعمال ، التي تجب على المؤمن إذ تلك الإدراكات تعلقات بعضها حسي وبعضها عقلي.
وحظ المقام المتعلق بأحكام الأنفال من هذه الزيادة هو أن سماع آيات حكم الأنفال يزيد إيمان المؤمنين قوة ، بنبذ الشقاق والتشاجر الطارئ ببينهم في أنفس الأموال عندهم ، وهو المال المكتسب من سيوفهم ، فإنه أحب أموالهم إليهم. وفي الحديث «وجعل رزقي تحت ظل رمحي» (١) وبذلك تتضح المناسبة بين ذكر حكم الأنفال ، وتعقيبه بالأمر بالتقوى وإصلاح ذات البين والطاعة ، ثم تعليل ذلك بأن شأن المؤمنين ازدياد إيمانهم عند تلاوة آيات الله.
(وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ).
__________________
(١) ذكره البخاري تعليقا فقال : ويذكر عن ابن عمر عن النبي صلىاللهعليهوسلم.