دعاهم.
والاستجابة : الإجابة ، فالسين والتاء فيها للتأكيد ، وقد غلب استعمال الاستجابة في إجابة طلب معيّن أو في الأعم ، فأما الإجابة فهي إجابة لنداء وغلب أن يعدى باللام إذا اقترن بالسين والتاء ، وتقدم ذلك عند قوله تعالى : (فَاسْتَجابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ) في آل عمران [١٩٥].
وإعادة حرف بعد واو العطف في قوله : (وَلِلرَّسُولِ) للإشارة إلى استقلال المجرور بالتعلق بفعل الاستجابة ، تنبيها على أن استجابة الرسول صلىاللهعليهوسلم أعم من استجابة الله لأن الاستجابة لله لا تكون إلّا بمعنى المجاز وهو الطاعة بخلاف الاستجابة للرسول عليه الصلاة والسلام فإنها بالمعنى الأعم الشامل للحقيقة وهو استجابة ندائه ، وللمجاز وهو الطاعة فأريد أمرهم بالاستجابة للرسول بالمعنيين كلما صدرت منه دعوة تقتضي أحدهما.
ألا ترى أنه لم يعد ذكر اللام في الموقع الذي كانت فيه الاستجابة لله والرسولصلىاللهعليهوسلم بمعنى واحد ، وهو الطاعة ، وذلك قوله تعالى : (الَّذِينَ اسْتَجابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ ما أَصابَهُمُ الْقَرْحُ) [آل عمران : ١٧٢] فإنها الطاعة للأمر باللحاق بجيش قريش في حمراء الأسد بعد الانصراف من أحد ، فهي استجابة لدعوة معينة.
وإفراد ضمير (دَعاكُمْ) لأن الدعاء من فعل الرسول مباشرة ، كما أفرد الضمير في قوله : (وَلا تَوَلَّوْا عَنْهُ) [الأنفال : ٢٠] وقد تقدم آنفا.
وليس قوله : (إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ) قيدا للأمر باستجابة ، ولكنه تنبيه على أن دعاءه إياهم لا يكون إلّا إلى ما فيه خير لهم وإحياء لأنفسهم.
واللام في (لِما يُحْيِيكُمْ) لام التعليل أي دعاكم لأجل ما هو سبب حياتكم الروحية.
والإحياء تكوين الحياة في الجسد ، والحياة قوة بها يكون الإدراك والتحرك بالاختيار ويستعار الإحياء تبعا لاستعارة الحياة للصفة أو القوة التي بها كمال موصوفها فيما يراد منه مثل حياة الأرض بالإنبات وحياة العقل بالعلم وسداد الرأي ، وضدها الموت في المعاني الحقيقية والمجازية ، قال تعالى : (أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْياءٍ) [النحل : ٢١] (أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ) وقد تقدم في سورة الأنعام [١٢٢].
والإحياء والإماتة تكوين الحياة والموت. وتستعار الحياة والإحياء لبقاء الحياة