بالتأمل ، وقد أبطل في «مغني اللبيب» جعل (لا) نافية هنا ، ورد على الزمخشري تجويزه ذلك.
و (خَاصَّةً) اسم فاعل مؤنث لجريانه على (فِتْنَةً) فهو منتصب على الحال من ضمير (تُصِيبَنَ) وهي حال مفيدة لأنها المقصود من التحذير.
وافتتاح جملة : (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ) بفعل الأمر بالعلم للاهتمام لقصد شدة التحذير ، كما تقدم آنفا في قوله : (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ) [الأنفال : ٢٤] والمعنى أنه شديد العقاب لمن يخالف أمره ، وذلك يشمل من يخالف الأمر بالاستجابة.
(وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآواكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٢٦))
عطف على الأمر بالاستجابة لله فيما يدعوهم إليه ، وعلى إعلامهم بأن الله لا تخفى عليه نياتهم ، وعلى التحذير من فتنة الخلاف على الرسول صلىاللهعليهوسلم ، تذكيرهم بنعمة الله عليهم بالعزة والنصر ، بعد الضعف والقلة والخوف ، ليذكروا كيف يسر الله لهم أسباب النصر من غير مظانها ، حتى أوصلهم إلى مكافحة عدوهم وأن يتقي أعداؤهم بأسهم ، فكيف لا يستجيبون لله فيما بعد ذلك ، وهم قد كثروا وعزوا وانتصروا ، فالخطاب للمؤمنين يومئذ ، ومجيء هذه الخطابات بعد وصفهم بالذين آمنوا إيماء إلى أن الإيمان هو الذي ساق لهم هذه الخيرات كلها ، وأنه سيكون هذا أثره فيهم كلما احتفظوا عليه كفوه من قبل سؤالهم ، ومن قبل تسديد حالهم ، فكيف لا يكونون بعد ترفّه حالهم أشد استجابة وأثبت قلوبا.
وفعل (وَاذْكُرُوا) مشتق من الذكر ـ بضم الدال ـ وهو التذكر لا ذكر اللسان ، أي تذكروا.
و (إِذْ) اسم زمان مجرد عن الظرفية ، فهو منصوب على المفعول به ، أي اذكروا زمن كنتم قليلا.
وجملة : (أَنْتُمْ قَلِيلٌ) مضاف إليها (إِذْ) ليحصل تعريف المضاف ، وجيء بالجملة اسمية للدلالة على ثبات وصف القلة والاستضعاف فيهم.
وأخبر ب (قَلِيلٌ) وهو مفرد عن ضمير الجماعة لأن قليلا وكثيرا قد يجيئان غير