في الاستغفار وتلقينا للتوبة زيادة في الإعذار لهم على معنى قوله : (ما يَفْعَلُ اللهُ بِعَذابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ) [النساء : ١٤٧] وقوله : (قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ ما قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ) [الأنفال : ٣٨].
وفي قوله : (وَما كانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) تعريض بأنه يوشك أن يعذبهم إن لم يستغفروا وهذا من الكناية العرضية.
وجملة (وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) حال مقدرة أي إذا استغفروا الله من الشرك وحسن موقعها هنا أنها جاءت قيدا لعامل منفي ، فالمعنى : وما كان الله معذبهم لو استغفروا.
وبذلك يظهر أن جملة : (وَما لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللهُ) [الأنفال : ٣٤] صادفت محزها من الكلام أي لم يسلكوا يحول بينهم وبين عذاب الله ، فليس لهم أن ينتفي عنهم عذاب الله.
وقد دلت الآية على فضيلة الاستغفار وبركته بإثبات بأن المسلمين أمنوا من العذاب الذي عذب الله به الأمم ؛ لأنهم استغفروا من الشرك باتباعهم الإسلام.
روى الترمذي عن أبي موسى قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أنزل الله عليّ أمانين لأمتي (وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَما كانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) فإذا مضيت تركت فيهم الاستغفار إلى يوم القيامة.
(وَما لَهُمْ أَلاَّ يُعَذِّبَهُمُ اللهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَما كانُوا أَوْلِياءَهُ إِنْ أَوْلِياؤُهُ إِلاَّ الْمُتَّقُونَ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (٣٤))
عطف على قوله : (وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ) [الأنفال : ٣٣] وهو ارتقاء في بيان أنهم أحقاء بتعذيب الله إياهم ، بيانا بالصراحة.
و (ما) استفهامية ، والاستفهام إنكاري ، وهي في محل المبتدأ و (لَهُمْ) خبره ، واللام للاستحقاق والتقدير ما الذي ثبت لهم لأن ينتفي عنهم عذاب الله فكلمة (ما) اسم استفهام إنكاري ، والمعنى : لم يثبت لهم شيء.
و (أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ) مجرور بلام جر محذوفة بعد (إن) على الشائع من حذف الجر مع (أن) والتقدير : أي شيء كان لهم في عدم تعذيبهم أي لم يكن شيء في عدم تعذيبهم أو من عدم تعذيبهم أي أنهم لا شيء يمنعهم من العذاب ، والمقصود الكناية عن استحقاقهم العذاب وحلوله بهم ، أو توقع حلوله بهم ، تقول العرب : ما لك أن لا تكرم ، أي : أنت