أراك تطوف بالبيت آمنا وقد آويتم الصباة أما والله لو لا أنك مع أبي صفوان ما رجعت إلى أهلك سالما» الحديث.
وقد أفادت الآية : أنهم استحقوا العذاب فنبهت على أن ما أصابهم يوم بدر ، من القتل والأسر ، هو من العذاب ، ولكن الله قد رحم هذه الأمة تكرمة لنبيه محمد صلىاللهعليهوسلم فلم يؤاخذ عامتهم بظلم الخاصة بل سلط على كل أحد من العذاب ما يجازي كفره وظلمه وإذايته النبي صلىاللهعليهوسلم والمسلمين ، ولذلك عذب بالقتل والأسر والإهانة نفرا عرفوا بالغلو في كفرهم وأذاهم ، مثل النضر بن الحارث ، وطعيمة بن عدي ، وعقبة بن أبي معيط ، وأبي جهل ، وعذب بالخوف والجوع من كانوا دون هؤلاء كفرا واستبقاهم وأمهلهم فكان عاقبة أمرهم أن أسلموا بقرب أو بعد وهؤلاء مثل أبي سفيان ، وحكيم بن حزام ، وخالد بن الوليد ، فكان جزاؤه إياهم على حسب علمه ، وحقق بذلك رجاء رسول الله صلىاللهعليهوسلم إذ قال : «لعل الله أن يخرج من أصلابهم من يعبده».
وجملة : (وَما كانُوا أَوْلِياءَهُ) في موضع الحال من ضمير (يَصُدُّونَ) والمقصود من هذه الحال إظهار اعتدائهم في صدهم عن المسجد الحرام ، فإن من صدّ عما هو له من الخير كان ظالما ، ومن صدّ عما ليس من حقه كان أشدّ ظلما ، ولذلك قال تعالى : (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اللهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ) [البقرة : ١١٤] أي لا أظلم منه أحد لأنه منع شيئا عن مستحقه.
وجملة : (إِنْ أَوْلِياؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ) تعيين لأوليائه الحق ، وتقرير لمضمون (وَما كانُوا أَوْلِياءَهُ) مع زيادة ما أفاده القصر من تعيين أوليائه ، فهي بمنزلة الدليل على نفي ولاية المشركين ، ولذلك فصلت.
وإنما لم يكتف بجملة القصر مع اقتضائه أن غير المتقين ليسوا أولياء المسجد الحرام ، لقصد التصريح بظلم المشركين في صدهم المسلمين عن المسجد الحرام بأنهم لا ولاية لهم عليه ، فكانت جملة : (وَما كانُوا أَوْلِياءَهُ) أشد تعلقا بجملة : (وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) من جملة : (إِنْ أَوْلِياؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ) وكانت جملة : (إِنْ أَوْلِياؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ) كالدليل ، فانتظم الاستدلال أبدع انتظام ، ولما في إناطة ولاية المسجد الحرام بالمتقين من الإشارة إلى أن المشركين الذين سلبت عنهم ولايته ليسوا من المتقين ، فهو مذمة لهم وتحقيق للنفي بحجة.
والاستدراك الذي أفاده (لكِنَ) ناشئ عن المقدمتين اللتين تضمنتهما جملتا (وَما