أخلّاي لو غير الحمام أصابكم |
|
عتبت ولكن ما على الموت معتب |
إلّا أنّ استدراك ضدّ الشرط في الآية كان بذكر ما يساوي الضدّ : وهو تثبيط الله إيّاهم ، توفيرا لفائدة الاستدراك ببيان سبب الأمر المستدرك ، وجعل هذا السبب مفرّعا على علّته : وهي أنّ الله كره انبعاثهم ، فصيغ الاستدراك بذكر علّته اهتماما بها ، وتنبيها على أنّ عدم إرادتهم الخروج كان حرمانا من الله إيّاهم ، وعناية بالمسلمين فجاء الكلام بنسج بديع وحصل التأكيد مع فوائد زائدة.
وكراهة الله انبعاثهم مفسّرة في الآية بعدها بقوله : (لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ ما زادُوكُمْ إِلَّا خَبالاً) [التوبة : ٤٧].
والانبعاث : مطاوع بعثه إذا أرسله.
والتثبيط : إزالة العزم. وتثبيط الله إيّاهم : أن خلق فيهم الكسل وضعف العزيمة على الغزو.
والقعود : مستعمل في ترك الغزو تشبيها للترك بالجلوس.
والقول : الذي في (وَقِيلَ اقْعُدُوا) قول أمر التكوين : أي كوّن فيهم القعود عن الغزو.
وزيادة قوله : (مَعَ الْقاعِدِينَ) مذمّة لهم : لأنّ القاعدين هم الذين شأنهم القعود عن الغزو ، وهم الضعفاء من صبيان ونساء كالعمي والزمنى.
(لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ ما زادُوكُمْ إِلاَّ خَبالاً وَلَأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (٤٧))
استئناف بياني لجملة (كَرِهَ اللهُ انْبِعاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ) [التوبة : ٤٦] لبيان الحكمة من كراهية الله انبعاثهم ، وهي إرادة الله سلامة المسلمين من أضرار وجود هؤلاء بينهم ، لأنّهم كانوا يضمرون المكر للمسلمين فيخرجون مرغمين ، ولا فائدة في جيش يغزو بدون اعتقاد أنّه على الحقّ ، وتعدية فعل (الخروج) بفي شائعة في الخروج مع الجيش.
والزيادة : التوفير.
وحذف مفعول (زادُوكُمْ) لدلالة الخروج عليه ، أي ما زادوكم قوة أو شيئا ممّا تفيد زيادته في الغزو نصرا على العدوّ ، ثم استثني من المفعول المحذوف الخبال على طريقة