أعمالا تنفع المسلمين يجدونها عند الحشر على فرض ظهور صدق الرسول. ويبقون على دينهم فلا يتعرّضون للمهالك في الغزو ولا للمشاق ، وهذا من سوء نظر أهل الضلالة كما حكى الله تعالى عن بعضهم : (أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآياتِنا وَقالَ لَأُوتَيَنَّ مالاً وَوَلَداً) [مريم : ٧٧] إذ حسب أنّه يحشر يوم البعث بحالته التي كان فيها في الحياة إذا صدق إخبار الرسول بالبعث.
(وَما مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقاتُهُمْ إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ وَبِرَسُولِهِ وَلا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلاَّ وَهُمْ كُسالى وَلا يُنْفِقُونَ إِلاَّ وَهُمْ كارِهُونَ (٥٤))
عطف على جملة (إِنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْماً فاسِقِينَ) [التوبة : ٥٣] لأنّ هذا بيان للتعليل لعدم قبول نفقاتهم بزيادة ذكر سببين آخرين مانعين من قبول أعمالهم هما من آثار الكفر والفسوق. وهما : أنّهم لا يأتون الصلاة إلّا وهم كسالى ، وأنّهم لا ينفقون إلّا وهم كارهون. والكفر وإن كان وحده كافيا في عدم القبول ، إلّا أن ذكر هذين السببين إشارة إلى تمكّن الكفر من قلوبهم وإلى مذمّتهم بالنفاق الدالّ على الجبن والتردّد. فذكر الكفر بيان لذكر الفسوق ، وذكر التكاسل عن الصلاة لإظهار أنّهم متهاونون بأعظم عبادة فكيف يكون إنفاقهم عن إخلاص ورغبة. وذكر الكراهية في الإنفاق لإظهار عدم الإخلاص في هذه الخصلة المتحدّث عنها.
وقرأ حمزة والكسائي : أن يقبل منهم ـ بالمثناة التحتية ـ لأنّ جمع غير المؤنّث الحقيقي يجوز فيه التذكير وضدّه.
(فَلا تُعْجِبْكَ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِها فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كافِرُونَ (٥٥))
تفريع على مذمّة حالهم في أموالهم ، وأن وفرة أموالهم لا توجب لهم طمأنينة بال ، بإعلام المسلمين أنّ ما يرون بعض هؤلاء المنافقين فيه من متاع الحياة الدنيا لا ينبغي أن يكون محلّ إعجاب المؤمنين ، وأن يحسبوا المنافقين قد نالوا شيئا من الحظّ العاجل ببيان أنّ ذلك سبب في عذابهم في الدنيا.
فالخطاب للنبي صلىاللهعليهوسلم ، والمراد تعليم الأمّة.
ومعنى هذه الآية : أنّ الله كشف سرّا من أسرار نفوس المنافقين بأنّه خلق في