والأولاد فيعلم منه : أنّه أراد موتهم على الكفر ، فيستغرق التعذيب بأموالهم وأولادهم حياتهم كلّها ، لأنّهم لو آمنوا في جزء من آخر حياتهم لحصل لهم في ذلك الزمن انتفاع ما بأموالهم ولو مع الشحّ.
وجملة : (وَهُمْ كافِرُونَ) في موضع الحال من الضمير المضاف إليه لأنّه إذا زهقت النفس في حال الكفر فقد مات كافرا.
والإعجاب استحسان مشوب باستغراب وسرور من المرئي قال تعالى : (وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ) [المائدة : ١٠٠] أي استحسنت مرأى وفرة عدده.
و (الزهوق) الخروج بشدّة وضيق ، وقد شاع ذكره في خروج الروح من الجسد ، وسيأتي مثل هذه الآية في هذه السورة.
(وَيَحْلِفُونَ بِاللهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ وَما هُمْ مِنْكُمْ وَلكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ (٥٦))
هذه الجملة معطوفة على ما قبلها من أخبار أهل النفاق. وضمائر الجمع عائدة إليهم ، قصد منها إبطال ما يموّهون به على المسلمين من تأكيد كونهم مؤمنين بالقسم على أنّهم من المؤمنين.
فمعنى : (إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ) أي بعض من المخاطبين ولمّا كان المخاطبون مؤمنين ، كان التبعيض على اعتبار اتّصافهم بالإيمان ، بقرينة القسم لأنّهم توجّسوا شكّ المؤمنين في أنّهم مثلهم.
والفرق : الخوف الشديد.
واختيار صيغة المضارع في قوله : (وَيَحْلِفُونَ) وقوله : (يَفْرَقُونَ) للدلالة على التجدّد وأنّ ذلك دأبهم.
ومقتضى الاستدراك : أن يكون المستدرك أنّهم ليسوا منكم ، أي كافرون ، فحذف المستدرك استغناء بأداة الاستدراك ، وذكر ما هو كالجواب عن ظاهر حالهم من الإيمان بأنّه تظاهر باطل وبأنّ الذي دعاهم إلى التظاهر بالإيمان في حال كفرهم : هم أنّهم يفرقون من المؤمنين ، فحصل إيجاز بديع في الكلام إذ استغني بالمذكور عن جملتين محذوفتين.
وحذف متعلّق (يَفْرَقُونَ) لظهوره ، أي يخافون من عداوة المسلمين لهم وقتالهم إياهم أو إخراجهم ، كما قال تعالى : (لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ