الجامعة بينهم هي ولاية الإسلام ، فهم فيها على السواء ليس واحد منهم مقلّدا للآخر ولا تابعا له على غير بصيرة لما في معنى الولاية من الإشعار بالإخلاص والتناصر بخلاف المنافقين فكأنّ بعضهم ناشئ من بعض في مذامّهم.
وزيد في وصف المؤمنين هنا (يُقِيمُونَ الصَّلاةَ) تنويها بأنّ الصلاة هي أعظم المعروف.
وقوله : (وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ) مقابل قوله في المنافقين (وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ) [التوبة : ٦٧].
وقوله (وَيُطِيعُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ) مقابل قوله في المنافقين (نَسُوا اللهَ) [التوبة : ٦٧] لأنّ الطاعة تقتضي مراقبة المطاع فهي ضدّ النسيان.
وقوله : (أُولئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللهُ) مقابل قوله في المنافقين (فَنَسِيَهُمْ) [التوبة : ٦٧].
والسين لتأكيد حصول الرحمة في المستقبل ، فحرف الاستقبال يفيد مع المضارع ما تفيد (قد) مع الماضي كقوله : (وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى) [الضحى : ٥].
والإشارة للدلالة على أنّ ما سيرد بعد اسم الإشارة صاروا أحرياء به من أجل الأوصاف المذكورة قبل اسم الإشارة.
وجملة : (إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) تعليل لجملة (سَيَرْحَمُهُمُ اللهُ) أي : أنّه تعالى لعزّته ينفع أولياءه وأنّه لحكمته يضع الجزاء لمستحقّه.
(وَعَدَ اللهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَمَساكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوانٌ مِنَ اللهِ أَكْبَرُ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (٧٢))
موقع هذه الجملة بعد قوله : (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ) [التوبة : ٧١] ، كموقع جملة : (وَعَدَ اللهُ الْمُنافِقِينَ وَالْمُنافِقاتِ) [التوبة : ٦٨] بعد قوله : (الْمُنافِقُونَ وَالْمُنافِقاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ) [التوبة : ٦٧] الآية. وهي أيضا كالاستئناف البياني الناشئ عن قوله : (أُولئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللهُ) [التوبة : ٧١] مثل قوله في الآية السابقة (يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيها نَعِيمٌ مُقِيمٌ) [التوبة : ٢١] الآية.
وفعل المضي في قوله : (وَعَدَ اللهُ) إمّا لأنّه إخبار عن وعد تقدّم في آي القرآن قصد من الإخبار به التذكير به لتحقيقه ، وإمّا أن يكون قد صيغ هذا الوعد بلفظ المضي على طريقة صيغ العقود مثل بعت وتصدّقت ، لكون تلك الصيغة معهودة في الالتزام الذي لا