وسبب نزول هذه الآية ما رواه البخاري والترمذي من حديث عبد الله بن عباس عن عمر بن الخطاب قال : «لما مات عبد الله بن أبيّ بن سلول دعي له رسول الله ليصلي عليه ، فلمّا قام رسول الله وثبت إليه فقلت : يا رسول الله أتصلّي على ابن أبيّ وقد قال يوم كذا وكذا ، كذا وكذا أعدّد عليه قوله ، فتبسّم رسول الله وقال : «أخّر عنّي يا عمر» فلمّا أكثرت عليه قال : «إنّي خيّرت فاخترت ، لو أعلم أنّي لو زدت على السبعين يغفر له لزدت عليها». قال : فصلى عليه رسول الله ثم انصرف فلم يمكث إلّا يسيرا حتّى نزلت الآيتان من براءة (وَلا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً) إلى قوله : (وَهُمْ فاسِقُونَ) قال : فعجبت بعد من جرأتي على رسول الله والله ورسوله أعلم اه». وفي رواية أخرى فلم يصل رسول الله على أحد منهم بعد هذه الآية حتى قبض صلىاللهعليهوسلم وإنّما صلّى عليه وأعطاه قميصه ليكفّن فيه إكراما لابنه عبد الله وتأليفا للخزرج.
وقوله : (مِنْهُمْ) صفة (أَحَدٍ). وجملة (ماتَ) صفة ثانية ل (أَحَدٍ).
ومعنى (وَلا تَقُمْ عَلى قَبْرِهِ) لا تقف عليه عند دفنه لأنّ المشاركة في دفن المسلم حقّ على المسلم على الكفاية كالصلاة عليه فترك النبي صلىاللهعليهوسلم الصلاة عليهم وحضور دفنهم إعلان بكفر من ترك ذلك له.
وجملة : (إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ) تعليلية ولذلك لم تعطف وقد أغنى وجود (إنّ) في أولها عن فاء التفريع كما هو الاستعمال.
والفسق مراد به الكفر فالتعبير ب (فاسِقُونَ) عوض (كافرون) مجرّد تفنّن. والأحسن أن يفسّر الفسق هنا بالخروج عن الإيمان بعد التلبّس به ، أي بصورة الإيمان فيكون المراد من الفسق معنى أشنع من الكفر.
وضمائر (إِنَّهُمْ كَفَرُوا وَماتُوا وَهُمْ فاسِقُونَ) عائد إلى (أَحَدٍ) لأنّه عام لكونه نكرة في سياق النهي والنهي كالنفي. وأمّا وصفه بالإفراد في قوله (ماتَ) فجرى على لفظ الموصوف لأنّ أصل الصفة مطابقة الموصوف.
(وَلا تُعْجِبْكَ أَمْوالُهُمْ وَأَوْلادُهُمْ إِنَّما يُرِيدُ اللهُ أَنْ يُعَذِّبَهُمْ بِها فِي الدُّنْيا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كافِرُونَ (٨٥))
الخطاب للنبي صلىاللهعليهوسلم والمقصود به المسلمون ، أي لا تعجبكم ، والجملة معطوفة على