[التوبة : ٦٢] (يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ) [التوبة : ٩٦] لأنّ ذلك كان قبل الخروج إلى الغزو فلما فات الأمر وعلموا أن حلفهم لم يصدقه المسلمون صاروا يحلفون لقصد أن يعرض المسلمون عنهم.
وأدخل حرف (عن) على ضمير المنافقين بتقدير مضاف يدل عليه السياق لظهور أنهم يريدون الإعراض عن لومهم. ففي حذف المضاف تهيئة لتفريع التقريع الواقع بعده بقوله: (فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ) ، أي فإذا كانوا يرومون الإعراض عنهم فأعرضوا عنهم تماما.
وهذا ضرب من التقريع فيه إطماع للمغضوب عليه الطالب بأنّه أجيبت طلبته حتى إذا تأمّل وجد ما طمع فيه قد انقلب عكس المطلوب فصار يأسا لأنهم أرادوا الإعراض عن المعاتبة بالإمساك عنها واستدامة معاملتهم معاملة المسلمين ، فإذا بهم يواجهون بالإعراض عن مكالمتهم ومخالطتهم وذلك أشد مما حلفوا للتفادي عنه. فهم من تأكيد الشيء بما يشبه ضدّه أو من القول بالموجب.
وجملة : (إِنَّهُمْ رِجْسٌ) تعليل للأمر بالإعراض. ووقوع (إنّ) في أولها مؤذن بمعنى التعليل.
والرجس : الخبث. والمراد تشبيههم بالرجس في الدناءة ودنس النفوس. فهو رجس معنوي. كقوله : (إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ) [المائدة : ٩٠].
والمأوى : المصير والمرجع.
و (جَزاءً) حال من (جَهَنَّمُ) ، أي مجازاة لهم على ما كانوا يعملون.
(يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللهَ لا يَرْضى عَنِ الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ (٩٦))
هذه الجملة بدل اشتمال من جملة : (سَيَحْلِفُونَ بِاللهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ) [التوبة : ٩٥] لأنّهم إذا حلفوا لأجل أن يعرض عنهم المسلمون فلا يلوموهم ، فإن ذلك يتضمن طلبهم رضى المسلمين.
وقد فرّع الله على ذلك أنه إن رضي المسلمون عنهم وأعرضوا عن لومهم فإن الله لا يرضى عن المنافقين. وهذا تحذير للمسلمين من الرضى عن المنافقين بطريق الكناية إذ قد