واستغفر لنا ، فقال لهم : لم أومر بأن آخذ من أموالكم. حتى نزلت هذه الآية فأخذ منهم النبي صلىاللهعليهوسلم صدقاتهم
، فالضمير عائد على آخرين اعترفوا بذنوبهم.
والتاء في (تُطَهِّرُهُمْ) تحتمل أن تكون تاء الخطاب نظرا لقوله : (خُذْ) ، وأن تكون تاء الغائبة عائدة إلى الصدقة. وأيّاما كان فالآية دالة على أن الصدقة تطهر وتزكي.
والتزكية : جعل الشيء زكيا ، أي كثير الخيرات. فقوله : (تُطَهِّرُهُمْ) إشارة إلى مقام التخلية عن السيئات. وقوله : (تُزَكِّيهِمْ) إشارة إلى مقام التحلية بالفضائل والحسنات. ولا جرم أن التخلية مقدمة على التحلية. فالمعنى أن هذه الصدقة كفارة لذنوبهم ومجلبة للثواب العظيم.
والصلاة عليهم : الدعاء لهم. وتقدم آنفا عند قوله تعالى : (وَصَلَواتِ الرَّسُولِ) [التوبة : ٩٩]. وقد كان النبي صلىاللهعليهوسلم بعد نزول هذه الآية إذا جاءه أحد بصدقته يقول : اللهم صل على آل فلان. كما ورد في حديث عبد الله بن أبي أوفى يجمع النبيصلىاللهعليهوسلم في دعائه في هذا الشأن بين معنى الصلاة وبين لفظها فكان يسأل من الله تعالى أن يصلي على المتصدق. والصلاة من الله الرحمة ، ومن النبي الدعاء.
وجملة : (إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ) تعليل للأمر بالصلاة عليهم بأن دعاءه سكن لهم ، أي سبب سكن لهم ، أي خير. فإطلاق السكن على هذا الدعاء مجاز مرسل.
والسكن : بفتحتين ما يسكن إليه ، أي يطمأن إليه ويرتاح به. وهو مشتق من السكون بالمعنى المجازي ، وهو سكون النفس ، أي سلامتها من الخوف ونحوه ، لأن الخوف يوجب كثرة الحذر واضطراب الرأي فتكون النفس كأنها غير مستقرة ، ولذلك سمي ذلك قلقا لأن القلق كثرة التحرك. وقال تعالى : (وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً) [الأنعام : ٩٦] وقال : (وَاللهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَناً) [النحل : ٨٠] ، ومن أسماء الزوجة السكن ، أو لأن دعاءه لهم يزيد نفوسهم صلاحا وسكونا إلى الصالحات لأن المعصية تردد واضطراب ، كما قال تعالى : (فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ) [التوبة : ٤٥] ، والطاعة اطمئنان ويقين ، كما قال تعالى : (أَلا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) [الرعد : ٢٨].
وجملة : (وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) تذييل مناسب للأمر بالدعاء لهم. والمراد بالسميع هنا المجيب للدعاء. وذكره للإشارة إلى قبول دعاء النبي صلىاللهعليهوسلم. ففيه إيماء إلى التنويه بدعائه. وذكر العليم إيماء إلى أنه ما أمره بالدعاء لهم إلا لأن في دعائه لهم خيرا عظيما وصلاحا