والضرار : مصدر ضار مبالغة في ضر ، أي ضرارا لأهل الإسلام. والتفريق بين المؤمنين هو ما قصدوه من صرف بني غنم وبني سالم عن قباء.
والإرصاد : التهيئة. والمراد بمن حارب الله ورسوله أبو عامر الراهب ، لأنه حارب رسول الله صلىاللهعليهوسلم مع الأحزاب وحاربه مع ثقيف وهوازن ، فقوله : (مِنْ قَبْلُ) إشارة إلى ذلك ، أي من قبل بناء المسجد.
وجملة : (وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنا إِلَّا الْحُسْنى) معترضة ، أو في موضع الحال. والحسنى : الخير.
وجملة : (وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ) معترضة.
وجملة : (لا تَقُمْ فِيهِ أَبَداً) هي الخبر عن اسم الموصول كما قدمنا. والمراد بالقيام الصلاة لأن أولها قيام.
ووجه النهي عن الصلاة فيه أن صلاة النبي صلىاللهعليهوسلم فيه تكسبه يمنا وبركة فلا يرى المسلمون لمسجد قباء مزية عليه فيقتصر بنو غنم وبنو سالم على الصلاة فيه لقربه من منازلهم ، وبذلك يحصل غرض المنافقين من وضعه للتفريق بين جماعة المسلمين. فلما كانت صلاة النبي صلىاللهعليهوسلم فيه مفضية إلى ترويج مقصدهم الفاسد صار ذلك وسيلة إلى مفسدة فتوجه النهي إليه. وهذا لا يطلع على مثله إلا الله تعالى. وهذا النهي يعم جميع المسلمين لأنه لما نهي النبي عن الصلاة فيه علم أن الله سلب عنه وصف المسجدية فصارت الصلاة فيه باطلة لأن النهي يقتضي فساد المنهي عنه ، ولذلك أمر رسول الله صلىاللهعليهوسلم عمار بن ياسر ووحشيا مولى المطعم بن عدي ومالك بن الدخشم ومعن بن عدي فقال : «انطلقوا إلى هذا المسجد الظالم أهله فاهدموه وحرقوه» ، ففعلوا. وتحريقه تحريق الأعواد التي يتخذ منها السّقف ، والجذوع التي تجعل له أعمدة.
وقوله : (لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ) احتراس مما يستلزمه النهي عن الصلاة فيه من إضاعة عبادة في الوقت الذي رغبوه للصلاة فيه فأمره الله بأن يصلي في ذلك الوقت الذي دعوه فيه للصلاة في مسجد الضرار أن يصلي في مسجده أو في مسجد قباء ، لئلا يكون لامتناعه من الصلاة من حظوظ الشيطان أن يكون صرفه عن صلاة في وقت دعي للصلاة فيه ، وهذا أدب نفساني عظيم.
وفيه أيضا دفع مكيدة المنافقين أن يطعنوا في الرسول صلىاللهعليهوسلم بأنه دعي إلى الصلاة في