من اللغة مثل قولهم : شاكي السلاح ، أصله شائك. ورجل صات عالي الصوت أصله صائت. ويدل لذلك قولهم : انهار ولم يقولوا انهرى. وهر مبالغة في هار.
وقرأ نافع وابن عامر وحدهما فعل (أُسِّسَ) في الموضعين بصيغة البناء للمفعول ورفع (بُنْيانَهُ) في الموضعين. وقرأها الباقون بالبناء للفاعل ونصب (بُنْيانَهُ) في الموضعين.
وقرأ الجمهور (جُرُفٍ) ـ بضم الراء ـ وقرأه ابن عامر وحمزة وأبو بكر عن عاصم وخلف ـ بسكون الراء ـ.
وجملة : (وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) تذييل ، وهو عام يشمل هؤلاء الظالمين الذين بنوا مسجد الضرار وغيرهم.
(لا يَزالُ بُنْيانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِلاَّ أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (١١٠))
جملة : (لا يَزالُ بُنْيانُهُمُ) يجوز أن تكون مستأنفة لتعداد مساوي مسجد الضرار بذكر سوء عواقبه بعد أن ذكر سوء الباعث عليه وبعد أن ذكر سوء وقعه في الإسلام بأن نهى الله رسوله عن الصلاة فيه وأمره بهدمه ، لأنه لما نهاه عن الصلاة فيه فقد صار المسلمون كلهم منهيين عن الصلاة فيه ، فسلب عنه حكم المساجد ، ولذلك أمر رسول اللهصلىاللهعليهوسلم بهدمه. ويرجح هذا الوجه أنه لم يؤت بضمير المسجد أو البنيان بل جيء باسمه الظاهر.
ويجوز أن تكون خبرا ثانيا عن (الَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِداً ضِراراً) [التوبة : ١٠٧] كأنه قيل : لا تقم فيه ولا يزال ريبة في قلوبهم ، ويكون إظهار لفظ (بُنْيانُهُمُ) لزيادة إيضاحه. والرابط هو ضمير (قُلُوبِهِمْ).
والمعنى أن ذلك المسجد لما بنوه لغرض فاسد فقد جعله الله سببا لبقاء النفاق في قلوبهم ما دامت قلوبهم في أجسادهم.
وجعل البنيان ريبة مبالغة كالوصف بالمصدر. والمعنى أنه سبب للريبة في قلوبهم. والريبة : الشك ، فإن النفاق شك في الدين ، لأن أصحابه يترددون بين موالاة المسلمين والإخلاص للكافرين.