في أسباب النزول أن هذه الآية نزلت في استغفار النبي صلىاللهعليهوسلم لأبي طالب ، أو أنها نزلت في سؤاله ربه أن يستغفر لأمه آمنة حين زار قبرها بالأبواء. فهما خبران واهيان لأن هذه السورة نزلت بعد ذلك بزمن طويل.
وجاءت صيغة النهي بطريق نفي الكون مع لام الجحود مبالغة في التنزه عن هذا الاستغفار ، كما تقدم عند قوله تعالى : (قالَ سُبْحانَكَ ما يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ ما لَيْسَ لِي بِحَقٍ) في آخر سورة العقود [١١٦].
ويدخل في المشركين المنافقون الذين علم النبي صلىاللهعليهوسلم نفاقهم والذين علم المسلمون نفاقهم بتحقق الصفات التي أعلنت عليهم في هذه السورة وغيرها.
وزيادة (وَلَوْ كانُوا أُولِي قُرْبى) للمبالغة في استقصاء أقرب الأحوال إلى المعذرة ، كما هو مفاد (لو) الوصلية ، أي فأولى إن لم يكونوا أولي قربى. وهذه المبالغة لقطع المعذرة عن المخالف ، وتمهيد لتعليم من اغتر بما حكاه القرآن من استغفار إبراهيم لأبيه في نحو قوله تعالى : (وَاغْفِرْ لِأَبِي إِنَّهُ كانَ مِنَ الضَّالِّينَ) [الشعراء : ٨٦]. ولذلك عقّبه بقوله : (وَما كانَ اسْتِغْفارُ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَها إِيَّاهُ) [التوبة : ١١٤] إلخ.
وقد تقدم الكلام على (لو) الاتصالية عند قوله تعالى : (وَلَوِ افْتَدى بِهِ) في سورة آل عمران [٩١].
(وَما كانَ اسْتِغْفارُ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ إِلاَّ عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَها إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْراهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ (١١٤))
معطوفة على جملة (ما كانَ) للنبي [التوبة : ١١٣] إلخ. وهي من تمام الآية باعتبار ما فيها من قوله : (وَلَوْ كانُوا أُولِي قُرْبى) [التوبة : ١١٣] إذ كان شأن ما لا ينبغي لنبينا محمد عليه الصلاة والسلام أن لا ينبغي لغيره من الرسل عليهم الصلاة والسلام لأن معظم أحكامهم متحدة إلا ما خص به نبينا من زيادة الفضل. وهذه من مسألة (أن شرع من قبلنا شرع لنا) فلا جرم ما كان ما ورد من استغفار إبراهيم قد يثير تعارضا بين الآيتين ، فلذلك تصدّى القرآن للجواب عنه. وقد تقدم آنفا ما روي أن هذه سبب نزول الآية.
والموعدة : اسم للوعد. والوعد صدر من أبي إبراهيم لا محالة ، كما يدل عليه الاعتذار لإبراهيم لأنه لو كان إبراهيم هو الذي وعد أباه بالاستغفار وكان استغفاره له