فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ) [التوبة : ١٢] والمقصود هنا : أن حرمة العهد قد زالت.
وفي هذه الآية شرع الجهاد والإذن فيه والإشارة إلى أنّهم لا يقبل منهم غير الإسلام. وهذه الآية نسخت آيات الموادعة والمعاهدة. وقد عمّت الآية جميع المشركين وعمّت البقاع إلا ما خصصته الأدلّة من الكتاب والسنة.
والأخذ : الأسر.
والحصر : المنع من دخول أرض الإسلام إلا بإذن من المسلمين.
والقعود مجاز في الثبات في المكان ، والملازمة له ، لأن القعود ثبوت شديد وطويل.
فمعنى القعود في الآية المرابطة في مظانّ تطرق العدوّ المشركين إلى بلاد الإسلام ، وفي مظان وجود جيش العدوّ وعدته.
والمرصد مكان الرصد. والرصد : المراقبة وتتبع النظر.
و (كُلَ) مستعملة في تعميم المراصد المظنون مرورهم بها ، تحذيرا للمسلمين من إضاعتهم الحراسة في المراصد فيأتيهم العدوّ منها ، أو من التفريط في بعض ممارّ العدوّ فينطلق الأعداء آمنين فيستخفّوا بالمسلمين ويتسامع جماعات المشركين أنّ المسلمين ليسوا بذوي بأس ولا يقظة ، فيؤول معنى (كُلَ) هنا إلى معنى الكثرة للتنبيه على الاجتهاد في استقصاء المراصد كقول النابغة :
بها كل ذيّال وخنساء ترعوي |
|
إلى كلّ رجّاف من الرمل فارد |
وانتصب (كُلَّ مَرْصَدٍ) إمّا على المفعول به بتضمين (اقْعُدُوا) معنى (الزموا) كقوله تعالى : (لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِراطَكَ الْمُسْتَقِيمَ) [الأعراف : ١٦] ، وإمّا على التشبيه بالظرف لأنّه من حقّ فعل القعود أن يتعدّى إليه ب (في) الظرفية فشبّه بالظرف وحذفت (في) للتّوسّع.
وتقدم ذكر (كلّ) عند قوله تعالى : (وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِها) في سورة الأنعام [٢٥].
(فَإِنْ تابُوا وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ).
تفريع على الأفعال المتقدمة في قوله : (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ).