والصداقة.
والظرفية في قوله : (فِي الدِّينِ) مجازية : تشبيها للملابسة القوية بإحاطة الظرف بالمظروف زيادة في الدلالة على التمكّن من الإسلام وأنّه يجبّ ما قبله.
(وَنُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ).
اعتراض وتذييل ، والواو اعتراضية ، ومناسبة موقعه عقب قوله : (اشْتَرَوْا بِآياتِ اللهِ ثَمَناً قَلِيلاً) [التوبة : ٩] أنّه تضمّن أنّهم لم يهتدوا بآيات الله ونبذوها على علم بصحّتها كقوله تعالى : (أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ وَأَضَلَّهُ اللهُ عَلى عِلْمٍ) [الجاثية : ٢٣] ، وباعتبار ما فيه من فرض توبتهم وإيمانهم إذا أقلعوا عن إيثار الفساد على الصلاح ، فكان قوله : (وَنُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) جامعا للحالين ، دالا على أنّ الآيات المذكورة آنفا في قوله : (اشْتَرَوْا بِآياتِ اللهِ ثَمَناً قَلِيلاً) [التوبة : ٩] آيات واضحة مفصّلة ، وأنّ عدم اهتداء هؤلاء بها ليس لنقص فيها ولكنّها إنّما يهتدي بها قوم يعلمون ، فإن آمنوا فقد كانوا من قوم يعلمون. ويفهم منه أنّهم إن اشتروا بها ثمنا قليلا فليسوا من قوم يعلمون ، فنزّل علمهم حينئذ منزلة عدمه لانعدام أثر العلم ، وهو العمل بالعلم ، وفيه نداء عليهم بمساواتهم لغير أهل العقول كقوله : (وَما يَعْقِلُها إِلَّا الْعالِمُونَ) [العنكبوت : ٤٣].
وحذف مفعول (يَعْلَمُونَ) لتنزيل الفعل منزلة اللازم إذ أريد به : لقوم ذوي علم وعقل.
وعطف هذا التذييل على جملة : (فَإِنْ تابُوا وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ) لأنّه به أعلق ، لأنّهم إن تابوا فقد صاروا إخوانا للمسلمين ، فصاروا من قوم يعلمون ، إذ ساووا المسلمين في الاهتداء بالآيات المفصّلة.
ومعنى التفصيل تقدّم في قوله تعالى : (وَكَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ) من سورة الأنعام [٥٥].
(وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَيْمانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ (١٢))
لمّا استوفى البيان لأصناف المشركين الذين أمر الله بالبراءة من عهدهم بقوله : (أَنَّ اللهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) ـ إلى قوله ـ (وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذابٍ أَلِيمٍ) [التوبة : ٣] وإنّما كان