زيادة في التحريض على قتالهم.
وفرّع على هذا التقرير جملة (فَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ) أي فالله الذي أمركم بقتالهم أحقّ أن تخشوه إذا خطر في نفوسكم خاطر عدم الامتثال لأمره ، إن كنتم مؤمنين ، لأنّ الإيمان يقتضي الخشية من الله وعدم التردّد في نجاح الامتثال له.
وجيء بالشرط المتعلّق بالمستقبل ، مع أنّه لا شكّ فيه ، لقصد إثارة همّتهم الدينية فيبرهنوا على أنّهم مؤمنون حقّا يقدمون خشية الله على خشية الناس.
(قاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ (١٤) وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللهُ عَلى مَنْ يَشاءُ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (١٥))
(قاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ (١٤) وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ) استئناف ابتدائي للعود من غرض التحذير ، إلى صريح الأمر بقتالهم الذي في قوله : (فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ) [التوبة : ١٢] وشأن مثل هذا العود في الكلام أن يكون باستئناف كما وقع هنا.
وجزم (يُعَذِّبْهُمُ) وما عطف عليه في جواب الأمر. وفي جعله جوابا وجزاء أنّ الله ضمن للمسلمين من تلك المقاتلة خمس فوائد تنحلّ إلى اثنتي عشرة إذ تشتمل كل فائدة منها على كرامة للمؤمنين وإهانة لهؤلاء المشركين وروعي في كلّ فائدة منها الغرض الأهمّ فصرح به وجعل ما عداه حاصلا بطريق الكناية.
الفائدة الأولى تعذيب المشركين بأيدي المسلمين وهذه إهانة للمشركين وكرامة للمسلمين.
الثانية : خزي المشركين وهو يستلزم عزّة المسلمين.
الثالثة : نصر المسلمين ، وهذه كرامة صريحة لهم وتستلزم هزيمة المشركين وهي إهانة لهم.
الرابعة : شفاء صدور فريق من المؤمنين ، وهذه صريحة في شفاء صدور طائفة من المؤمنين وهم خزاعة ، وتستلزم شفاء صدور المؤمنين كلّهم ، وتستلزم حرج صدور أعدائهم