وكان ابن عبّاس يدعوها «الفاضحة» : قال ما زال ينزل فيها «ومنهم ـ ومنهم» حتى ظننّا أنّه لا يبقى أحد إلّا ذكر فيها.
وأحسب أنّ ما تحكيه من أحوال المنافقين يعرف به المتّصفون بها أنّهم المراد فعرف المؤمنون كثيرا من أولئك مثل قوله تعالى : (وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلا تَفْتِنِّي) [التوبة : ٤٩] فقد قالها بعضهم وسمعت منهم ، وقوله : (وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ) النبي (وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ) [التوبة : ٦١] فهؤلاء نقلت مقالتهم بين المسلمين. وقوله : (وَسَيَحْلِفُونَ بِاللهِ لَوِ اسْتَطَعْنا لَخَرَجْنا مَعَكُمْ) [التوبة : ٤٢].
وعن حذيفة : أنّه سمّاها «سورة العذاب» لأنّها نزلت بعذاب الكفّار ، أي عذاب القتل ، والأخذ حين يثقفون.
وعن عبيد بن عمير أنّه سمّاها «المنقّرة» (بكسر القاف مشدّدة) لأنّها نقرت عمّا في قلوب المشركين (لعلّه يعني من نوايا الغدر بالمسلمين والتمالي على نقص العهد ، وهو من نقر الطائر إذا أنفى بمنقاره موضعا من الحصى ونحوه ليبيض فيه).
وعن المقداد بن الأسود ، وأبي أيّوب الأنصاري : تسميتها «البحوث» ـ بباء موحّدة مفتوحة في أوّله وبمثلّثة في آخره بوزن فعول ـ بمعنى الباحثة ، وهو مثل تسميتها «المنقّرة».
وعن الحسن البصري أنّه دعاها «الحافرة» كأنّها حفرت عمّا في قلوب المنافقين من النفاق ، فأظهرته للمسلمين.
وعن قتادة : أنّها تسمّى «المثيرة» لأنّها أثارت عورات المنافقين وأظهرتها. وعن ابن عباس أنّه سمّاها «المبعثرة» لأنّها بعثرت عن أسرار المنافقين ، أي أخرجتها من مكانها.
وفي «الإتقان» : أنّها تسمّى «المخزية» ـ بالخاء والزاي المعجمة وتحتية بعد الزاي ـ وأحسب أن ذلك لقوله تعالى : (وَأَنَّ اللهَ مُخْزِي الْكافِرِينَ) [التوبة : ٢].
وفي «الإتقان» أنّها تسمّى «المنكّلة» ، أي بتشديد الكاف. وفيه أنها تسمّى «المشدّدة».
وعن سفيان أنّها تسمّى «المدمدمة» ـ بصيغة اسم الفاعل من دمدم إذا أهلك ، لأنّها كانت سبب هلاك المشركين. فهذه أربعة عشر اسما.
وهي مدنية بالاتّفاق. قال في «الإتقان» : واستثنى بعضهم قوله : ما كان للنبي