للحرب ، وواحده بياء النسب : جندي ، وقد تقدّم عند قوله تعالى : (فَلَمَّا فَصَلَ طالُوتُ بِالْجُنُودِ) في سورة البقرة [٢٤٩]. وقد يطلق الجند على الأمّة العظيمة ذات القوة ، كما في قوله تعالى : (هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْجُنُودِ فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ) في سورة البروج [١٧ ، ١٨] والمراد بالجنود هنا جماعات من الملائكة موكّلون بهزيمة المشركين كما دلّ عليه فعل أنزل ، أي أرسلها الله لنصرة المؤمنين وإلقاء الرعب في قلوب المشركين ، ولذلك قال : (لَمْ تَرَوْها) ولكون الملائكة ملائكة النصر أطلق عليها اسم الجنود.
وتعذيبه الذين كفروا : هو تعذيب القتل والأسر والسبي.
والإشارة ب (وَذلِكَ جَزاءُ الْكافِرِينَ) إلى العذاب المأخوذ من (عَذَّبَ).
(ثُمَّ يَتُوبُ اللهُ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ عَلى مَنْ يَشاءُ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٢٧))
(ثُمَ) للتراخي الرتبي ، عطف على جملة (ثُمَّ أَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ) إلى قوله (وَذلِكَ جَزاءُ الْكافِرِينَ) [التوبة : ٢٦]. وهذا إشارة إلى إسلام هوازن بعد تلك الهزيمة فإنّهم جاءوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم مسلمين تائبين ، وسألوه أن يردّ إليهم سبيهم وغنائمهم ، فذلك أكبر منّة في نصر المسلمين إذ أصبح الجند العدوّ لهم مسلمين معهم ، لا يخافونهم بعد ذلك اليوم.
والمعنى : ثم تاب الله عليهم ، أي على الذين أسلموا منهم فقوله : (يَتُوبُ اللهُ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ) دليل المعطوف بثم ولذلك أتى بالمضارع في قوله : (يَتُوبُ اللهُ) دون الفعل الماضي : لأنّ المقصود ما يشمل توبة هوازن وتوبة غيرهم ، للإشارة إلى إفادة تجدّد التوبة على كلّ من تاب إلى الله لا يختصّ بها هوازن فتوبته على هوازن قد عرفها المسلمون ، فأعلموا بأنّ الله يعامل بمثل ذلك كلّ من ندم وتاب ، فالمعنى : ثم تاب الله عليهم ويتوب الله على من يشاء.
وجملة : (وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) تذييل للكلام لإفادة أنّ المغفرة من شأنه تعالى ، وأنّه رحيم بعباده إن أنابوا إليه وتركوا الإشراك به.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ بَعْدَ عامِهِمْ هذا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شاءَ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٢٨))