تعالى : (اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ) في سورة آل عمران [٤٥].
والإشارة ب (ذلِكَ) إلى القول المستفاد من (قالَتِ الْيَهُودُ) ـ (وَقالَتِ النَّصارى).
والمقصود من الإشارة تشهير القول وتمييزه ، زيادة في تشنيعه عند المسلمين.
و (بِأَفْواهِهِمْ) حال من القول ، والمراد أنّه قول لا يعدو الوجود في اللسان وليس له ما يحقّقه في الواقع ، وهذا كناية عن كونه كاذبا كقوله تعالى : (كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْواهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِباً) [الكهف : ٥]. وفي هذا أيضا إلزام لهم بهذا القول ، وسدّ باب تنصّلهم منه إذ هو إقرارهم بأفواههم وصريح كلامهم.
والمضاهاة : المشابهة ، وإسنادها إلى القائلين : على تقدير مضاف ظاهر من الكلام ، أي يضاهي قولهم.
و (الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ) هم المشركون : من العرب ، ومن اليونان ، وغيرهم ، وكونهم من قبل النصارى ظاهر ، وأمّا كونهم من قبل اليهود : فلأنّ اعتقاد بنوة عزير طارئ في اليهود وليس من عقيدة قدمائهم.
وجملة (قاتَلَهُمُ اللهُ) دعاء مستعمل في التعجيب ، وهو مركّب يستعمل في التعجّب من عمل شنيع ، والمفاعلة فيه للمبالغة في الدعاء : أي قتلهم الله قتلا شديدا. وجملة التعجيب مستأنفة كشأن التعجب.
وجملة (أَنَّى يُؤْفَكُونَ) مستأنفة. والاستفهام فيها مستعمل في التعجيب من حالهم في الاتّباع الباطل ، حتّى شبه المكان الذي يصرفون إليه باعتقادهم بمكان مجهول من شأنه أن يسأل عنه باسم الاستفهام عن المكان ، ومعنى (يُؤْفَكُونَ) يصرفون. يقال : أفكه يأفكه إذا صرفه ، قال تعالى : (يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ) [الذاريات : ٩] والإفك بمعنى الكذب قد جاء من هذه المادّة لأنّ الكاذب يصرف السامع عن الصدق ، وقد تقدّم ذلك غير مرة.
(اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَما أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا إِلهاً واحِداً لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (٣١))
الجملة تقرير لمضمون جملة (وَقالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ وَقالَتِ النَّصارى الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ) [التوبة : ٣٠] ليبنى على التقرير زيادة التشنيع بقوله : (وَما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلهاً