وجملة (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) صفة ثانية ل (إِلهاً واحِداً).
وجملة (سُبْحانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) مستأنفة لقصد التنزيه والتبرّي ممّا افتروا على الله تعالى ، ولذلك سمي ذلك إشراكا.
(يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ اللهِ بِأَفْواهِهِمْ وَيَأْبَى اللهُ إِلاَّ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ (٣٢))
استئناف ابتدائي لزيادة إثارة غيظ المسلمين على أهل الكتاب ، بكشف ما يضمرونه للإسلام من الممالاة ، والتألّب على مناواة الدين ، حين تحقّقوا أنّه في انتشار وظهور ، فثار حسدهم وخشوا ظهور فضله على دينهم ، فالضمير في قوله : (يُرِيدُونَ) عائد إلى (الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ) [التوبة : ٢٩] والإطفاء إبطال الإسراج وإزالة النور بنفخ عليه ، أو هبوب رياح ، أو إراقة مياه على الشيء المستنير من سراج أو جمر.
والنور : الضوء وقد تقدّم عند قوله تعالى : (نُوراً وَهُدىً لِلنَّاسِ) في سورة الأنعام [٩١]. والكلام تمثيل لحالهم في محاولة تكذيب النبي صلىاللهعليهوسلم ، وصدّ الناس عن اتّباع الإسلام ، وإعانة المناوئين للإسلام بالقول والإرجاف ، والتحريض على المقاومة. والانضمام إلى صفوف الأعداء في الحروب ، ومحاولة نصارى الشام الهجوم على المدينة بحال من بيحاول إطفاء نور بنفخ فمه عليه ، فهذا الكلام مركّب مستعمل في غير ما وضع له على طريقة تشبيه الهيئة بالهيئة ، ومن كمال بلاغته أنّه صالح لتفكيك التشبيه بأنّ يشبّه الإسلام وحده بالنور ، ويشبّه محاولو إبطاله بمريدي إطفاء النور ويشبّه الإرجاف والتكذيب بالنفخ ، ومن الرشاقة أنّ آلة النفخ وآلة التكذيب واحدة وهي الأفواه. والمثال المشهور للتمثيل الصالح لاعتباري التركيب والتفريق قول بشار :
كأنّ مثار النّقع فوق رءوسنا |
|
وأسيافنا ليل تهاوى كواكبه |
ولكن التفريق في تمثيلية الآية أشدّ استقلالا ، بخلاف بيت بشّار ، كما يظهر بالتأمّل.
وإضافة النور إلى اسم الجلالة إشارة إلى أنّ محاولة إطفائه عبث وأنّ أصحاب تلك المحاولة لا يبلغون مرادهم.
والإباء والإباية : الامتناع من الفعل ، وهو هنا تمثيل لإرادة الله تعالى إتمام ظهور الإسلام بحال من يحاوله محاول على فعل وهو يمتنع منه ، لأنّهم لمّا حاولوا طمس