الْمُجْرِمُونَ) الذي هو ساد مسد مفعولي (أرأيتم) إذ علقه عن العمل الاستفهام ب (ما ذا).
و (ما ذا) كلمتان هما (ما) الاستفهامية و (إذا). أصله إشارة مشار به إلى مأخوذ من الكلام الواقع بعده. واستعمل (ذا) مع (ما) الاستفهامية في معنى الذي لأنهم يراعون لفظ الذي محذوفا. وقد يظهر كقوله تعالى : (مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ) [البقرة : ٢٥٥]. وهذا الاستفهام مستعمل في الإنكار عليهم ، وفي التعجيب من تعجلهم العذاب بنية أنهم يؤمنون به عند نزوله.
و (من) للتبعيض. والمعنى ما الذي يستعجله المجرمون من العذاب ، أي لا شيء من العذاب بصالح لاستعجالهم إياه لأن كل شيء منه مهلك حائل بينهم وبين التمكن من الإيمان وقت حلوله.
وفائدة الإشارة إليه ، تهويله أو تعظيمه أو التعجيب منه كقوله تعالى : (ما ذا أَرادَ اللهُ بِهذا مَثَلاً) [البقرة : ٢٦] ، فالمعنى ما هذا العذاب العظيم في حال كونه يستعجله المجرمون ، فجملة (يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ) في موضع الحال من اسم الإشارة ، أي أن مثله لا يستعجل بل شأنه أن يستأخر.
و (من) بيانية ، والمعنى معها على معنى ما يسمى في فن البديع بالتجرد.
واعلم أن النحاة يذكرون استعمال (ما ذا) بمعنى (ما الذي) وإنما يعنون بذلك بعض مواضع استعماله وليس استعمالا مطردا. وقد حقق ابن مالك في «الخلاصة» إذ زاد قيدا في هذا الاستعمال فقال :
ومثل ما ، ذا بعد ما استفهام |
|
أو من إذا لم تلغ في الكلام |
يريد إذا لم يكن مزيدا. وإنما عبر بالإلغاء فرارا من إيراد أن الأسماء لا تزاد. والحق أن المراد بالزيادة أن اسم الإشارة غير مفيد معناه الموضوع له ولا هو بمفيد تأسيس معنى في الكلام ولكنه للتقوية والتأكيد الحاصل من الإشارة إلى ما يتضمنه الكلام ، وقد أشار إلى استعمالاته صاحب «مغنى اللبيب» في فصل عقده ل (ما ذا) وأكثر من المعاني ولم يحرر انتساب بعضها من بعض. وانظر ما تقدم عند قوله تعالى : (فَما ذا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلالُ) [يونس : ٣٢] المتقدم آنفا ، وقوله تعالى : (ما ذا أَرادَ اللهُ بِهذا مَثَلاً) في سورة البقرة [٢٦].
والمجرمون : أصحاب الجرم وهو جرم الشرك. والمراد بهم الذين يقولون (مَتى هذَا