الشركة كما علمت.
وأكد بحرف التوكيد بعد حرف التنبيه في الموضعين للاهتمام به ، ولرد إنكار منكري بعضه والذين هم بمنزلة المنكرين بعضه الآخر.
واللام في (لِلَّهِ) للملك ، و (ما) اسم موصول مفيد لعموم كل ما ثبتت له صلة الموصول من الموجودات الظاهرة والخفية.
ووعد الله : هو وعده بعذاب المشركين ، وهو وعيد ، ويجوز أن يكون وعده مرادا به البعث ، قال تعالى : (كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنا إِنَّا كُنَّا فاعِلِينَ) [الأنبياء : ١٠٤] فسمّى إعادة الخلق وعدا.
وأظهر اسم الجلالة في الجملة الثانية دون الإتيان بضميره لتكون الجملة مستقلة لتجري مجرى المثل والكلام الجامع.
ووقع الاستدراك بقوله : (وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ) لأن الجملتين اللتين قبله أريد بهما الرد على معتقدي خلافهما فصارتا في قوة نفي الشك عن مضمونهما ، فكأنه قيل : لا شك يحق في ذلك ، ولكن أكثرهم لا يعلمون فلذلك يشكّون.
وتقييد نفي العلم بالأكثر إشارة إلى أن منهم من يعلم ذلك ولكنه يجحده مكابرة ، كما قال في الآية السابقة (وَمِنْهُمْ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ لا يُؤْمِنُ بِهِ)[يونس : ٤٠]. فضمير (أَكْثَرَهُمْ) للمتحدث عنهم فيما تقدم.
(يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفاءٌ لِما فِي الصُّدُورِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ (٥٧))
استئناف أو اعتراض ، يجوز أن يكون لابتداء غرض جديد وهو خطاب جميع الناس بالتعريف بشأن القرآن وهديه ، بعد أن كان الكلام في جدال المشركين والاحتجاج عليهم بإعجاز القرآن على أنه من عند الله وأن الآتي به صادق فيما جاء به من تهديدهم وتخويفهم من عاقبة تكذيب الأمم رسلها ، وما ذيل به ذلك من الوعيد وتحقيق ما توعدوا به ، فالكلام الآن منعطف إلى الغرض المفتتح بقوله : (وَما كانَ هذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرى مِنْ دُونِ اللهِ) إلى قوله : (وَلَوْ كانُوا لا يُبْصِرُونَ) [يونس : ٣٧ ـ ٤٣]. فعاد الكلام إلى خطاب جميع الناس لما في القرآن من المنافع الصالحة لهم ، والإشارة إلى اختلافهم في مقدار الانتفاع به ، ولذلك