فصلت كما فصلت جملة (سُبْحانَهُ) ، فبعد أن استدل على إبطال قولهم ، سجل عليهم أنهم لا حجة لهم في قولهم ذلك.
و (إِنْ) حرف نفي. و (مِنْ) مزيدة لتأكيد النفي بالاستغراق ، أي استغراق نفي جميع أنواع الحجة قويّها وضعيفها ، عقليّها وشرعيّها.
و (عند) هنا مستعملة مجازا. شبّه وجود الحجة للمحتج بالكون في مكانه ، والمعنى : لا حجّة لكم.
و (سُلْطانٍ) محله رفع بالابتداء ، وخبره (عِنْدَكُمْ) واشتغل آخر المبتدأ عن الضمة بكسرة حرف الجر الزائدة.
والسلطان : البرهان والحجة ، لأنه يكسب المستدل به سلطة على مخالفه ومجادله. وقد تقدم عند قوله تعالى : (ما نَزَّلَ اللهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ) في سورة الأعراف [٧١].
والباء للملابسة ، وهي في موضع صفة ل (سُلْطانٍ) ، أي سلطان ملابس لهذا.
والإشارة إلى المقول.
والمعنى : لا حجة لكم تصاحب مقولكم بأن الله اتخذ ولدا.
وجملة : (أَتَقُولُونَ عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ) جواب ثالث ناشئ عن الجوابين لأنهم لما أبطل قولهم بالحجة. ونفي أن تكون لهم على قولهم حجة كانوا أحرياء بالتوبيخ والتشنيع بأنهم يجترئون على جناب الله فيصفون الله بما لا يعلمون ، أي بما لا يوقنون به ، ولكونها جوابا فصلت. فالاستفهام مستعمل في التوبيخ ، لأن المذكور بعده شيء ذميم ، واجتراء عظيم وجهل كبير مركب.
[٦٩ ، ٧٠] (قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ (٦٩) مَتاعٌ فِي الدُّنْيا ثُمَّ إِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذابَ الشَّدِيدَ بِما كانُوا يَكْفُرُونَ (٧٠))
استئناف افتتح بأمر النبي صلىاللهعليهوسلم أن يقول لتنبيه السامعين إلى وعي ما يرد بعد الأمر بالقول بأنه أمر مهم بحيث يطلب تبليغه ، وذلك أن المقول قضية عامة يحصل منها وعيد للذين قالوا : اتخذ الله ولدا ، على مقالتهم تلك ، وعلى أمثالها كقولهم : (ما فِي بُطُونِ هذِهِ الْأَنْعامِ خالِصَةٌ لِذُكُورِنا وَمُحَرَّمٌ عَلى أَزْواجِنا) [الأنعام : ١٣٩] وقولهم : ما كان لآلهتهم من الحرث والأنعام لا يصل إلى الله وما كان لله من ذلك يصل إلى آلهتهم ، وقولهم : (لَنْ