طريق مستقيم. وقد تقدم في قوله تعالى : (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ) [الفاتحة : ٦] ، فكان أمرهما بالاستقامة جامعا لجميع خصال الخير والصلاح.
وفي حديث أبي عمرة الثقفي قال : قلت : يا رسول الله قل لي في الإسلام قولا لا أسأل عنه أحدا غيرك. قال : قل : آمنت بالله ثم استقم. ومن الاستقامة أن يستمرا على الدعوة إلى الدين ولا يضجرا.
والسبيل : الطريق ، وهو هنا مستعمل للسيرة والعمل الغالب.
وقوله : (وَلا تَتَّبِعانِ) قرأه الجمهور بتشديد النون مكسورة. وهما نونان : إحداهما نون المثنى والأخرى نون التوكيد. وقرأ ابن ذكوان عن ابن عامر (وَلا تَتَّبِعانِ) بنون خفيفة مكسورة. وهي نون رفع المثنى لا نون التوكيد ، فتعين أن تكون (لا) على هاته القراءة نافية غير ناهية ، والجملة في موضع الحال والواو واو الحال ، لأن جملة الحال المضارعة المفتتحة بحرف نفي يجوز اقترانها بالواو وعدمه.
(وَجاوَزْنا بِبَنِي إِسْرائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْياً وَعَدْواً حَتَّى إِذا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ (٩٠))
معطوفة على جملة (وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّءا لِقَوْمِكُما بِمِصْرَ بُيُوتاً) [يونس : ٨٧] عطف الغرض على التمهيد ، أي ، أمرناهما باتخاذ تلك البيوت تهيئة للسفر ومجاوزة البحر.
وجاوزنا ، أي قطعنا بهم البحر ، والباء للتعدية ، أي أقطعناهم البحر بمعنى جعلناهم قاطعين البحر. وتقدم نظيره في سورة الأعراف [١٣٨]. ومجاوزتهم البحر تقتضي خوضهم فيه ، وذلك أن الله جعل لهم طرائق في البحر يمرون منها.
و (فَأَتْبَعَهُمْ) بمعنى لحقهم. يقال : تبعه فأتبعه إذا سار خلفه فأدركه. ومنه فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ ثاقِبٌ) [الصافات : ١٠]. وقيل : أتبع مرادف تبع.
والبغي : الظلم ، مصدر بغى. وتقدم عند قوله تعالى : (وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِ) في الأعراف [٣٣].
والعدو : مصدر عدا. وهو تجاوز الحد في الظلم ، وهو مسوق لتأكيد البغي. وإنما