أشار إليه السكاكي.
والإكراه : الإلجاء والقسر.
(وَما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللهِ وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ (١٠٠))
عطف على جملة : (أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ) [يونس : ٩٩] لتقرير مضمونها لأن مضمونها إنكار أن يقدر النبي صلىاللهعليهوسلم على إلجاء الناس إلى الإيمان لأن الله هو الذي يقدر على ذلك.
ويجوز أن تكون الواو للحال من ضمير المخاطب ، أي كيف يمكنك أن تكره الناس على الإيمان والحال أنه لا تستطيع نفس أن تؤمن إلا بإذن الله لها بالإيمان.
والإذن : هنا إذن تكوين وتقدير. فهو خلق النفس مستعدة لقبول الحق مميزة بين الحق والباطل ، والصلاح والفساد ، متوصلة بالنظر الصحيح إلى معرفة ما ينبغي أن يتبع وما لا ينبغي ، متمكنة بصحة الإرادة من زجر داعية الهوى والأعراض العاجلة ومن اتباع داعية الحق والعاقبة الدائمة حتى إذا وجه إليها الإرشاد حصل فيها الهدى.
ويومئ إلى هذا المعنى من الإذن قوله في مقابله (وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ) فقابل هذه الحالة بحالة الذين لا يعقلون فعلم أن حالة الإيمان حالة من يعقلون ، فبينت آية (وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ) [يونس : ٩٩] أن إيمان من لم يؤمن هو لعدم مشيئة الله إيمانه. وبينت هذه الآية أن إيمان من آمن هو بمشيئة الله إيمانه ، وكلاهما راجع إلى تقدير التكوين في النفوس والعقول.
والرجس : حقيقته الخبث والفساد. وأطلق هنا على الكفر ، لأنه خبث نفساني ، والقرينة مقابلته بالإيمان كالمقابلة التي في قوله : (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزادَتْهُمْ إِيماناً) إلى قوله : (فَزادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ) [التوبة : ١٢٤ ، ١٢٥]. والمعنى : ويوقع الكفر على الذين لا يعقلون. والمراد نفي العقل المستقيم ، أي الذين لا تهتدي عقولهم إلى إدراك الحق ولا يستعملون عقولهم بالنظر في الأدلة.
و (عَلَى) للاستعلاء المجازي المستعمل في التمكن.
وقرأ الجمهور (وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ) بياء الغيبة ، والضمير عائد إلى اسم الجلالة الذي قبله. وقرأه أبو بكر عن عاصم ونجعل بنون العظمة.