وجملة : (وَما تُغْنِي الْآياتُ) معترضة ذيلت بها جملة : (انْظُرُوا ما ذا فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) فيجوز أن تكون متممة لمقول القول مما أمر النبي صلىاللهعليهوسلم أن يقوله لهم ويجوز أن تكون استئناف كلام من الله تعالى. والمعنى أبلغهم ما أمرت بتبليغه إليهم وليست تغني الآيات عن قوم لا يؤمنون ، أي الذين جعل الله نفوسهم لا تؤمن ، ولما كان قوله : انْظُرُوا ما ذا فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) مفيدا أن ذلك آيات كما تقدم حسن وقع التعبير عنها بالآيات هنا ، فمعنى (وَما تُغْنِي الْآياتُ) : وما يغني ما في السماوات والأرض عن قوم لا يؤمنون ، فكان التعبير بالآيات كالإظهار في مقام الإضمار. وزيدت (النذر) فعطفت على الآيات لزيادة التعميم في هذه الجملة حتى تكون أوسع دلالة من التي قبلها لتكون كالتذييل لها ، وذلك أن القرآن جاء للناس بالاستدلال وبالتخويف ثم سجل على هذا الفريق بأنه لا تنجع فيه الآيات والأدلة ولا النذر والمخوفات.
ولفظ (قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ) يفيد أن انتفاء الإيمان عنهم وصف عرفوا به وأنه مستقر من نفوسهم ، لأن اجتلاب لفظ (قَوْمٍ) هنا مع صحة حلول غيره محله يشير إلى أن الوصف المذكور بعده من مقومات قوميتهم لأنه صار من خصائصهم ، بخلاف ما لو قيل : عمن لا يؤمنون. ألا ترى إلى قول العنبري :
قوم إذا الشرّ أبدى ناجذيه لهم |
|
طاروا إليه زرافات ووحدانا |
أي قوم هذه سجيتهم. وقد تقدم عند قوله تعالى : (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ) إلى قوله : (لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) في سورة البقرة [١٦٤]. وتقدم في هذه السورة غير مرة آنفا. وهو هنا أبدع لأنه عدل به عن الإضمار. وهذا من بدائع الإعجاز هنا.
[١٠٢ ، ١٠٣] (فَهَلْ يَنْتَظِرُونَ إِلاَّ مِثْلَ أَيَّامِ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِهِمْ قُلْ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ (١٠٢) ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا كَذلِكَ حَقًّا عَلَيْنا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ (١٠٣))
تفريع على جملة (ما تُغْنِي الْآياتُ وَالنُّذُرُ) [يونس : ١٠١] باعتبار ما اشتملت عليه من ذكر النذر. فهي خطاب من الله تعالى لرسوله صلىاللهعليهوسلم أي يتفرع على انتفاء انتفاعهم بالآيات والنذر وعلى إصرارهم أن يسأل عنهم : ما ذا ينتظرون ، ويجاب بأنهم ما ينتظرون إلا مثل ما حلّ بمن قبلهم ممن سيقت قصصهم في الآيات الماضية ، ووقع الاستفهام بهل