الإنجاء المستفاد من (ثُمَّ نُنَجِّي).
و (حَقًّا عَلَيْنا) جملة معترضة لأن المصدر بدل من الفعل ، أي حق ذلك علينا حقا.
وجعله الله حقا عليه تحقيقا للتفضل به والكرامة حتى صار كالحق عليه.
وقرأ الجمهور (نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ) بفتح النون الثانية وتشديد الجيم على وزان نُنَجِّي رُسُلَنا). وقرأ الكسائي ، وحفص عن عاصم (نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ) بسكون النون الثانية وتخفيف الجيم من الإنجاء. فالمخالفة بينه وبين نظيره الذي قبله تفنن ، والمعنى واحد.
وكتب في المصحف (نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ) بدون ياء بعد الجيم على صورة النطق بها للاتقاء الساكنين.
(قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ دِينِي فَلا أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ وَلكِنْ أَعْبُدُ اللهَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (١٠٤))
هذه الجملة متصلة المعنى بجملة : (قُلِ انْظُرُوا ما ذا فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) [يونس : ١٠١] ، إذ المقصود من النظر المأمور به هنالك النظر للاستدلال على إثبات الوحدانية ، فإن جحودهم إيّاها هو الذي أقدمهم على تكذيب الرسول صلىاللهعليهوسلم في قوله : إن الله بعثه بإثباتها وأبطل الإشراك ، فلما أمرهم بالنظر المؤدي إلى إثبات انفراده تعالى بالإلهية أعقبه بأن يخبرهم بأنهم إن استمروا على الشك فيما جاء به الرسول صلىاللهعليهوسلم فإن الرسول صلىاللهعليهوسلم ثابت على ما جاء به وأن دلائل صحة دينه بينة للناظرين. والمراد ب «الناس» في هذا الخطاب المشركون من أهل مكة ، أو جميع أمة الدعوة الذين لمّا يستجيبوا للدعوة.
و (في) من قوله : (فِي شَكٍ) للظرفية المجازية المستعملة في التمكن تشبيها لتمكن الصفة بتمكن الظرف من المظروف من جهة الإحاطة.
وعلق الظرف بذات الدين ، والمراد الشك في حالة من أحواله وهي الحالة الملتبسة بهم أعني حالة حقيته.
و (من) في قوله : (مِنْ دِينِي) للابتداء المجازي ، أي شك آت من ديني. وهو ابتداء يؤول إلى معنى السببية ، أي إن كنتم شاكين شكا سببه ديني ، أي يتعلق بحقيقته ، لأن الشك يحمل في كل مقام على ما يناسبه ، كقوله : (فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ) [يونس : ٩٤]. وقد تقدم آنفا. وقوله : (وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا) [البقرة : ٢٣].