(وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ)
عطف على (وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ) فهو من تمام ما جاء تفسيرا ل (أُحْكِمَتْ آياتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ) [هود : ١] وهو مما أوحي به إلى الرسول صلىاللهعليهوسلم أن يبلغه إلى الناس.
وتولوا : أصله تتولوا ، حذفت إحدى التاءين تخفيفا.
وتأكيد جملة الجزاء ب (أَنِ) وبكون المسند إليه فيها اسما مخبرا عنه بالجملة الفعلية لقصد شدة تأكيد توقع العذاب.
وتنكير (يَوْمٍ) للتهويل ، لتذهب نفوسهم للاحتمال الممكن أن يكون يوما في الدنيا أو في الآخرة ، لأنهم كانوا ينكرون الحشر ، فتخويفهم بعذاب الدنيا أوقع في نفوسهم. وبذلك يكون تنكير (يَوْمٍ) صالحا لإيقاعه مقابلا للجزاءين في قوله : (يُمَتِّعْكُمْ مَتاعاً حَسَناً إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ) ، فيقدّر السامع : إن توليتم فإني أخاف عليكم عذابين كما رجوت لكم إن استغفرتم ثوابين.
ووصفه بالكبير لزيادة تهويله ، والمراد بالكبر الكبر المعنوي ، وهو شدة ما يقع فيه ، أعني العذاب ، فوصف اليوم بالكبر مجاز عقلي.
(إِلَى اللهِ مَرْجِعُكُمْ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٤))
جملة في موضع التعليل للخوف عليهم ، فلذلك فصلت. والمعنى : أنكم صائرون إلى الله ، أي إلى قدرته غير منفلتين منه فهو مجازيكم على تولّيكم عن أمره.
فالمرجع : مصدر ميمي بمعنى الرجوع. وهو مستعمل كناية عن لازمه العرفي وهو عدم الانفلات وإن طال الزمن ، وذلك شامل للرجوع بعد الموت. وليس المراد إياه خاصة لأن قوله : (وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) أنسب بالمصير الدنيوي لأنه المسلّم عندهم ، وأما المصير الأخروي فلو اعترفوا به لما كان هنالك قوي مقتض لزيادة (وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).
وتقديم المجرور على عامله للاهتمام والتقوي ، وليس المراد منه الحصر إذ هم لا يحسبون أنهم مرجعون بعد الموت بله أن يرجعوا إلى غيره.
وجملة : (وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) معطوفة على جملة : (إِلَى اللهِ مَرْجِعُكُمْ) ، أي