على اصطلاح القرآن من إطلاق لفظ الإنسان أو الناس ، ولأن وصفي (لَيَؤُسٌ كَفُورٌ) يناسبان المشركين فيتخصص العام بهم.
وقيل التّعريف في (الْإِنْسانَ) للعهد مراد منه إنسان خاص ، فروى الواحدي عن ابن عبّاس أنّها نزلت في الوليد بن المغيرة. وعنه أنّها نزلت في عبد الله بن أبي أميّة المخزومي. ويجوز أن يكون المراد كلّ إنسان إذا حلّ به مثل ذلك على تفاوت في النّاس في هذا اليأس.
واللّام موطئة للقسم.
والإذاقة مستعملة في إيصال الإدراك على وجه المجاز ، واختيرت مادة الإذاقة لما تشعر به من إدراك أمر محبوب لأنّ المرء لا يذوق إلّا ما يشتهيه.
والرحمة ، أريد بها : رحمة الدنيا. وأطلقت على أثرها وهو النعمة كالصحة والأمن والعافية ، والمراد النعمة السابقة قبل نزول الضر.
والنزع حقيقته : خلق الثوب عن الجسد. واستعمل هنا في سلب النعمة على طريقة الاستعارة ، ولذلك عدّي بحرف (من) دون (عن) لأنّ المعنى على السلب والافتكاك ، فذكر (من) تجريد للمجاز.
وجملة (إِنَّهُ لَيَؤُسٌ كَفُورٌ) جواب القسم ، وجردت من الافتتاح باللّام استغناء عنها بحرف التوكيد وبلام الابتداء في خبر (إنّ). واستغني بجواب القسم عن جواب الشرط المقارن له كما هو شأن الكلام المشتمل على شرط وقسم كما تقدم في قوله : (وَلَئِنْ أَخَّرْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ) [هود : ٨] إلى آخره.
واليئوس والكفور مثالا مبالغة في الآيس وكافر النعمة ، أي جاحدها ، والمراد بالكفور : منكر نعمة الله لأنّه تصدر منه أقوال وخواطر من السخط على ما انتابه كأنّه لم ينعم عليه قط.
وتأكيد الجملة باللّام الموطئة للقسم وبحرف التوكيد في جملة جواب القسم لقصد تحقيق مضمونها وأنّه حقيقة ثابتة لا مبالغة فيها ولا تغليب.
(وَلَئِنْ أَذَقْناهُ نَعْماءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ (١٠))