المعاندين عن الإتيان بعشر سور مثله كان حجة على أنه آت من جانب الله.
و (مِنْ) ابتدائية. وضمير (مِنْهُ) عائد إلى (رَبِّهِ). ويجوز أن يعود إلى شاهِدٌ) أي شاهد على صدقه كائن في ذاته وهو إعجازه إياهم عن الإتيان بمثله.
و (مِنْ قَبْلِهِ) حال من (كِتابُ مُوسى). و (كِتابُ مُوسى) عطف على شاهِدٌ مِنْهُ) والمراد تلوه في الاستدلال بطريق الارتقاء فإن النصارى يهتدون بالإنجيل ثم يستظهرون على ما في الإنجيل بالتّوراة لأنّها أصله وفيها بيانه ، ولذلك لما عطف (كِتابُ مُوسى) على (شاهِدٌ) الذي هو معمول (يَتْلُوهُ) قيد كتاب موسى بأنه من قبله ، أي ويتلوه شاهد منه. ويتلوه كتاب موسى حالة كونه من قبل الشاهد أي سابقا عليه في النزول. وإذا كان المراد ب (فَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ) النصارى خاصة كان لذكر كِتابُ مُوسى) إيماء إلى أن كتاب موسى ـ عليهالسلام ـ شاهد على صدق محمّدصلىاللهعليهوسلم ولم يذكر أهل ذلك الكتاب وهم اليهود لأنهم لم يكونوا على بيّنة من ربّهم كاملة من جهة عدم تصديقهم بعيسى ـ عليهالسلام ـ.
و (إِماماً وَرَحْمَةً) حالان ثناء على التوراة بما فيها من تفصيل الشريعة فهو إمام يهتدى به ورحمة للنّاس يعملون بأحكامها فيرحمهمالله في الدنيا بإقامة العدل وفي الآخرة بجزاء الاستقامة إذ الإمام ما يؤتم به ويعمل على مثاله.
والإشارة ب (أُولئِكَ) إلى (فَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ) ، أي أولئك الذين كانوا على بيّنة من ربهم يؤمنون بالقرآن وليسوا مثلكم يا معشر المشركين ، وذلك في معنى قوله تعالى : (فَإِنْ يَكْفُرْ بِها هؤُلاءِ فَقَدْ وَكَّلْنا بِها قَوْماً لَيْسُوا بِها بِكافِرِينَ)[الأنعام : ٨٩].
وإقحام (أُولئِكَ) هنا يشبه إقحام ضمير الفصل ، وفيه تنبيه على أن ما بعده من الخبر مسبب على ما قبل اسم الإشارة من الأوصاف وهي كونهم على بينة من ربهم معضدة بشواهد من الإنجيل والتوراة.
وجملة (أُولئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ) خبر (فَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ).
وضمير (به) عائد إلى القرآن المعلوم من المقام أو من تقدم ضميره في قوله (أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ) [هود : ١٣].
وبه ينتظم الكلام مع قوله : (أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ) إلى قوله : (فَاعْلَمُوا أَنَّما أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللهِ) [هود : ١٣ ، ١٤] أي يؤمنون بكون القرآن من عند الله.