كما في قوله تعالى : (وَمَنْ لا يُجِبْ داعِيَ اللهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ) [الأحقاف : ٣٢] ولعله مما جرى كذلك في كلام العرب كما يؤذن به قول إياس بن قبيصة الطائي من شعراء الجاهلية :
ألم تر أن الأرض رحب فسيحة |
|
فهل تعجزني بقعة من بقاعها |
(وَما كانَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ أَوْلِياءَ).
يجوز أن يكون المراد بالأول الأنصار ، أي ما لهم ناصر ينصرهم من دون الله. فجمع لهم نفي سببي النجاة من عذاب القادر وهما المكان الذي لا يصل إليه القادر أو معارضة قادر آخر إياه يمنعه من تسليط عقابه. و (مِنْ دُونِ اللهِ) متعلق ب (أولياء) لما في الولي هنا من معاني الحائل والمباعد بقوله : (وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْراناً مُبِيناً) [النساء : ١١٩].
ويجوز أن يراد بالأولياء الأصنام التي تولوها ، أي أخلصوا لها المحبة والعبادة.
ومعنى نفي الأولياء عنهم بهذا المعنى نفي أثر هذا الوصف ، أي لم تنفعهم أصنامهم وآلهتهم.
و (مِنْ دُونِ اللهِ) على هذا الوجه بمعنى من غير الله ، ف (دون) اسم غير ظرف ، و (من) الجارّة ل (دون) زائدة تزاد في الظروف غير المتصرفة ، و (من) الجارة ل (أولياء) زائدة لاستغراق الجنس المنفي ، أي ما كان لهم فرد من أفراد جنس الأولياء.
والعذاب المضاعف هو عذاب الآخرة بقرينة قوله : (لَمْ يَكُونُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ) المشعر بتأخير العذاب عنهم في الدنيا لا عن عجز.
(يُضاعَفُ لَهُمُ الْعَذابُ).
خبر عن اسم الإشارة. ويجوز أن تكون جملة (لَمْ يَكُونُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ) خبرا أوّلا وجملة (يُضاعَفُ) خبرا ثانيا. ويجوز أن تكون جملة (لَمْ يَكُونُوا مُعْجِزِينَ) حالا وجملة (يُضاعَفُ) خبرا أول.
(ما كانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَما كانُوا يُبْصِرُونَ).
يجوز أن يكون هذا خبرا عن اسم الإشارة أو حالا منه فتكون استطاعة السمع