وجملة (هَلْ يَسْتَوِيانِ مَثَلاً) واقعة موقع البيان للغرض من التشبيه وهو نفي استواء حالهما ، ونفي الاستواء كناية عن التفضيل والمفضل منهما معلوم من المقام ، أي معلوم تفضيل الفريق الممثل بالسميع والبصير على الفريق الممثل بالأعمى والأصم. والاستفهام إنكاري.
وانتصب (مَثَلاً) على التمييز ، أي من جهة حالهما ، والمثل : الحال.
والمقصود تنبيه المشركين لما هم فيه من الضلالة لعلهم يتداركون أمرهم فلذلك فرع عليه بالفاء جملة (أَفَلا تَذَكَّرُونَ).
والهمزة استفهام وإنكار انتفاء تذكرهم واستمرارهم في ضلالهم.
وقرأ الجمهور «تذكرون» بتشديد الدال. وأصله تتذكرون ، فقلبت التاء دالا لقرب مخرجيهما وليتأتّى الإدغام تخفيفا. وقرأه حفص ، وحمزة ، والكسائي ـ بتخفيف الذال ـ على حذف إحدى التاءين من أول الفعل.
وفي مقابلة الأعمى والأصم ب (الْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ) محسن الطباق.
[٢٥ ، ٢٦] (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (٢٥) أَنْ لا تَعْبُدُوا إِلاَّ اللهَ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ (٢٦))
انتقال من إنذار المشركين ووصف أحوالهم وما ناسب ذلك إلى موعظتهم بما أصاب المكذبين قبلهم من المصائب ، وفي ذلك تسلية للنبي صلىاللهعليهوسلم بما لاقاه الرّسل ـ عليهمالسلام ـ قبله من أقوامهم.
فالعطف من عطف القصة على القصة وهي التي تسمى الواو الابتدائية.
وأكدت الجملة بلام القسم و (لَقَدْ) لأن المخاطبين لما غفلوا عن الحذر مما بقوم نوح مع مماثلة حالهم نزلوا منزلة المنكر لوقوع رسالته.
وقرأ نافع ، وعاصم ، وابن عامر ، وحمزة (إِنِّي) بكسر الهمزة على أنه محكي بفعل قول محذوف في محل حال ، أي قائلا.
وقرأه ابن كثير ، وأبو عمرو ، والكسائي ، وأبو جعفر ، ويعقوب ، وخلف ـ بفتح الهمزة ـ على تقدير حرف جرّ وهو الباء للملابسة ، أي أرسلناه متلبسا بذلك ، أي بمعنى