أعوان عليه وهم أتباعه فأراد أن لا يهمل ذكر أتباعه وأنهم أنصار له لو شاء أن يهيب بهم. والقصد من ذلك التنويه بشأنهم في مقابلة تحقير الآخرين إياهم.
والاستفهام إنكاري ، أي ما كان لنا ذلك لأن الله لم يأمره بإكراههم إعراضا عن العناية بهم فترك أمرهم إلى الله ، وذلك أشد في توقع العقاب العظيم.
والكاره : المبغض لشيء. وعدّي باللام إلى مفعوله لزيادة تقوية تعلق الكراهية بالرحمة أو البينة ، أي وأنتم مبغضون قبولها لأجل إعراضكم عن التدبّر فيها.
وتقديم المجرور على (كارِهُونَ) لرعاية الفاصلة مع الاهتمام بشأنها. والمقصود من كلامه بعثهم على إعادة التأمل في الآيات. وتخفيض نفوسهم. واستنزالهم إلى الإنصاف.
وليس المقصود معذرتهم بما صنعوا ولا العدول عن تكرير دعوتهم.
(وَيا قَوْمِ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مالاً إِنْ أَجرِيَ إِلاَّ عَلَى اللهِ وَما أَنَا بِطارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ وَلكِنِّي أَراكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ (٢٩))
إعادة الخطاب ب (يا قَوْمِ) تأكيد لما في الخطاب به أول مرة من المعاني الّتي ذكرناها ، وأما عطف النداء بالواو مع أن المخاطب به واحد وشأن عطف النداء أن يكون عند اختلاف المنادى ، كقول المعري :
يا ساهر البرق أيقظن راقد السمر |
|
لعل بالجزع أعوانا على السهر |
ثم قال :
ويا أسيرة حجليها أرى سفها |
|
حمل الحلي بمن أعيا عن النظر |
فأما إذا اتّحد المنادى فالشأن عدم العطف كما في قصة إبراهيم ـ عليهالسلام ـ في سورة مريم [٤٢ ـ ٤٥] (إِذْ قالَ لِأَبِيهِ يا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ ما لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ) ـ إلى قوله ـ (وَلِيًّا) فقد تكرّر النداء أربع مرات.
فتعين هنا أن يكون العطف من مقول نوح ـ عليهالسلام ـ لا من حكاية الله عنه. ثمّ يجوز أن يكون تنبيها على اتّصال النداءات بعضها ببعض ، وأن أحدها لا يغني عن الآخر ، ولا يكون ذلك من قبيل الوصل لأن النداء افتتاح كلام فجملته ابتدائية وعطفها إذا عطفت مجرد عطف لفظي. ويجوز أن يكون ذلك تفننا عربيا في الكلام عند تكرر النداء استحسانا للمخالفة بين التأكيد والمؤكد. وسيجيء نظير هذا قريبا في قصة هود ـ عليهالسلام ـ وقصة